بانتظار “قمة ثلاثية”.. اجتماعات واشنطن بين آمال وشكوك الأوكرانيين

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بانتظار “قمة ثلاثية”.. اجتماعات واشنطن بين آمال وشكوك الأوكرانيين, اليوم الخميس 21 أغسطس 2025 09:20 صباحاً

كييف – بعد قمة ألاسكا بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين تدحرجت في واشنطن كرة السلام من ملعب أوكرانيا إلى ملعب روسيا هذه المرة، فالرئيس الأميركي ينتظر قرارا من سيد الكرملين بشأن قمة ثلاثية تجمعهما مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لبحث كل القضايا الشائكة وجها لوجه، وإنهاء حرب طاحنة مستمرة في عامها الرابع بين روسيا وأوكرانيا.

وبعد خيبة أمل من قمة ألاسكا أحيت اجتماعات واشنطن أمل الأوكرانيين بنجاعة عملية السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة وإمكانية انتهاء الحرب دون خسائر كبيرة مذلة لطالما تخوفوا منها.

وعلى عكس التوقعات جاءت اجتماعات واشنطن -والتي التقى خلالها زيلينسكي بترامب- ثم انضم إليهما قادة أوروبيون وأمين عام حلف الناتو مارك روته في أجواء ونتائج إيجابية دفعت الرئيس الأوكراني إلى القول إنها “الأفضل على الإطلاق”.

فبدلا من تكرار مشهد التوتر كما في فبراير/شباط الماضي خيمت على الأجواء ابتسامات ود وعبارات إطراء وتفهّم كانت -بحسب كثيرين- في صالح أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين.

ويقول الكاتب والصحفي ميلان ليليتش للجزيرة نت إن زيلينسكي استعد جيدا للتواصل مع ترامب هذه المرة، فجمع -على سبيل المثال- بين الزي الرسمي وما تعوّد ارتداءه، الأمر الذي أعجب ترامب وأثار مديحه ودفعه إلى المزاح لا السخرية هذه المرة.

كما نقل زيلينسكي رسالة شكر من زوجته إلى السيدة الأميركية الأولى ميلانا، مما أثار تقدير ترامب المغرم بالرسائل الورقية، يضيف الكاتب.

ويرى ليليتش أن طريق التواصل مع ترامب تغير كما يحب الأخير، فقد كرر زيلينسكي عبارات الامتنان والمديح للولايات المتحدة وترامب شخصيا، ومثل هذه التقنيات البسيطة -كما اتضح- فعالة مع ترامب وتخلق جوا إيجابيا.

وأشار ليليتش إلى موضوع استعداد أوكرانيا لشراء أسلحة أميركية بقيمة 90 مليار دولار وأخرى على حساب الدعم الأوروبي بقيمة 100 مليار أيضا، الأمر الذي “أغرى” ترامب وأعجبه، كما يقول.

وفي السياق ذاته، أضاف أن “الزعماء الأوروبيين فهموا منذ فترة طويلة كيفية التعامل مع سيد البيت الأبيض، لهذا يمهدون بذكاء لنيل موافقته دون إزعاجه، خاصة إذا عارضوه أو اختلفوا معه في الرأي”.

ويبدو أن حضور قادة أوروبيين كبار والأمين العام لحلف شمال الأطلسي أعجب ترامب، فهذا لم يحدث أبدا في تاريخ البيت الأبيض، لكنه حمل أيضا رسالة قوية وصارمة إلى واشنطن.

وفي حديث مع الجزيرة نت، قال الخبير بيترو بوركوفسكي عضو مركز “المبادرات الديمقراطية” إن ترامب قبل عموما بعد قمة ألاسكا مفهوم بوتين بشأن تسليم إقليم دونباس وأراض أخرى مقابل التقدم نحو السلام، ثم روج وفريقه لهذا في وسائل الإعلام.

ويرى الخبير ذاته أن الجميع يعتقد أن هذا الموضوع الخلافي سيوتر اللقاء مع ترامب، ولهذا تم تجاهله خلف الأبواب المغلقة، حيث ركز زيلينسكي على أهمية أن تُطرح “القضايا الحساسة والإقليمية” على مستوى القادة في قمة ثلاثية تجمعهما مع بوتين.

وفي سياق متصل، رأى بوركوفسكي أن القادة الأوروبيين جاؤوا دعما لزيلينسكي في هذا التوجه، وللتأكيد على أهمية القضية الأوكرانية بالنسبة لهم، وأهمية أن يكون الغرب مع الولايات المتحدة موحدا إزاءها في مواجهة صارمة مع بوتين، فطرحوا بقوة موضوع الضمانات، وعرضوا مقترحات ونوايا وخطوات جادة في هذا الصدد.

ويعتبر كثيرون أن لقاء 18 أغسطس/آب الجاري كان “مهما وحاسما” في مسار الحرب، وجاءت نتائجه في صالح أوكرانيا وأغضب روسيا.

واعتبرت النائبة البرلمانية إيرينا هيراشينكو في حديث مع الجزيرة نت أن يوم اللقاء كان بمثابة مواجهة مع القدر، وتبين لاحقا أنه يوم عظيم شكّل ضوءا في نهاية نفق مظلم، ووضع روسيا أمام نقطة اللاعودة، فإما السلام أو عزلة دولية وعقوبات لم تشهدها من قبل، على حد قولها.

من جانبه، استدل محلل الشأن العسكري إيفان ستوباك بالقول “أعتقد أن لقاءات واشنطن خالفت توقعات بوتين الذي أراد وضع أوكرانيا في زاوية التنازل عن الأراضي لقبول لقائه وتوقيع اتفاق استسلام”.

وأوضح أن زيلينسكي قبل نقاش الأمر وجها لوجه مع بوتين، وترامب اعتبر ذلك مقبولا، أما بوتين فعبر عن موقفه بمضاعفة القصف على المدن الأوكرانية خلال اليومين الماضيين كما لم يحدث منذ بداية الشهر الجاري.

وانطلاقا من هذا، يرى الخبير أن الرئيس الروسي لن يوافق سريعا على لقاء القمة الثلاثية، ومن المتوقع أن تخلق بلاده الذرائع لمنع ذلك، وقال “نحن نؤمن بأنه يلوّح بشعارات السلام، لكنه لا يريده ولا ينوي إيقاف الحرب”.

ووسط هذا التفاؤل يطلق بعض الأوكرانيين تحذيرات من فخاخ يبرع الروس بنصبها للخصوم وعند التفاوض، والتاريخ شاهد عليها.

ومن وجهة نظر الدبلوماسية السابقة لانا زركال “قميص بوتين الذي حمل رمز الاتحاد السوفياتي يحكي الكثير، الدبلوماسية السوفياتية أتقنت تكتيكات الابتزاز والضغط الوحشي لعقود، لم تتغير مناهج الروس منذ عهد وزير الخارجية السوفياتي أندريه غروميكو الذي قال عنه نظيره الأميركي هنري كيسنجر إن “التفاوض معه دون معرفة كل تفاصيل المشكلة بمثابة انتحار”.

وقالت للجزيرة نت إن تكتيك غروميكو سهل، وقد شرحه هو بنفسه:

  • أولا: اطلب كل شيء إلى أقصى حد ولا تتردد، اطلب ما كان لك وليس لك.
  • ثانيا: هدد بالحرب وأعط إنذارات نهائية، وكوسيلة للخروج من الموقف اعرض المفاوضات وستجد لدى الغرب أشخاصا يقبلون ذلك.
  • ثالثا: مع بدء المفاوضات لا تتخل عن أي مطلب، هم أنفسهم سيقدمون لك جزءا مما طلبته، وحتى ذلك الحين لا توافق، واضغط أكثر حتى يأتوا إليك.

وفي ضوء ما سبق، ترى زركال أن ترامب هو ذلك الشخص الغربي الذي يقبل ما يريده الروس، لأنه “يُظهر ضعف البيت الأبيض أمام الكرملين، ولا يستعد للمفاوضات ويحتقر الخبراء في كل القضايا، وبالإضافة إلى ذلك يريد نتائج سريعة، فهو لا يحب المفاوضات الطويلة والمملة”.

وتختم الدبلوماسية السابقة بأن الفخ الرئيسي الذي وقع فيه ترامب هو الإطار الذي فرضه بوتين، إذ ربط وقف الأعمال العدائية باتفاق سلام كبير يحقق -من وجهة نظر بوتين- توازنا عادلا بين الأمن الأوروبي والعالمي.

وهذا يعني -وفقا لها- أن نهاية الحرب لن تعتمد الآن على تنازلات أوكرانيا فحسب، بل وأيضا على التنازلات التي يتوقع بوتين الحصول عليها من الغرب.

المصدر: الجزيرة

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق