من مجرد مشاهدة شغوفة بالأفلام إلى عضوة لجنة تحكيم وجائزة أفضل ممثلة في إيطاليا، شكّلت غادة قطاطة مثالًا حيًا على كيف يتحول الشغف إلى مسيرة فنية وإعلامية متكاملة.

كانت بدايتها بسيطة لكنها مليئة بالشغف؛ حيث كانت مجرد مُشاهِدة تأسرها عوالم السينما بكل تفاصيلها، تعلمت اللهجات العربية من الأعمال السينمائية، وأتقنت اللهجة المصرية، وتعرّفت على ثقافات المدن، أطباقها، موسيقاها، وحتى تفاصيل الحياة اليومية من أفلام الأبيض والأسود.

ومع مرور الوقت، لم تعد غادة تتابع السينما من أجل المتعة فحسب، بل بدأت تلاحظ أدق التفاصيل: من الإضاءة إلى الألوان، ومن زوايا التصوير إلى الأخطاء في الـ”ركور”. كانت تراقب لغة الكاميرا وكيف تُترجم المشاعر، وتتمعن في حركة الممثل داخل الكادر، وكيف يمكن لزاوية بسيطة أو اختيار موسيقى معينة أن تغيّر الإحساس بالمشهد بالكامل. أدركت أن السينما ليست مجرد حكاية تُروى، بل منظومة فنون متداخلة؛ من كتابة النص إلى التمثيل، من الإخراج إلى المونتاج، وكل تفصيل صغير يمكن أن يصنع الفارق بين مشهد عادي ومشهد خالد.

هذا الشغف وصل بها إلى عضوية لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية الطويلة، حيث لم تكن مهمتها مجرد تقييم الأداء أو القصة، بل شملت النظر إلى الرؤية الإخراجية، الإيقاع البصري، اختيار اللقطات، وترابط العناصر الفنية التي تصنع تجربة سينمائية متكاملة.

على صعيد الإعلام، ساعدت تجربة غادة الإعلامية على توسيع فهمها للفن بشكل أكبر؛ فقد منحها الإعلام نافذة لرؤية ما وراء الكواليس، أسرار الأداء، وطريقة بناء المشهد قبل أن يصل إلى الجمهور. لم تكتفِ بالأسئلة التقليدية، بل كانت تبحث دائمًا عن العمق، عن لحظة الصدق خلف الأداء، عن البناء الدرامي وراء الشخصية، وعن الإنسان خلف الأضواء.

ومن أبرز إنجازاتها حصولها على جائزة “أفضل ممثلة” في أحد أعرق المهرجانات السينمائية في إيطاليا، وهي جائزة لم تكن مجرد تكريم لأداء تمثيلي، بل شهادة لمسيرة شغف طويلة بدأت بخطوة صغيرة وانتهت بمنصة دولية.

ورغم كل ما حققته، تظل غادة تؤكد أن طموحها لم ولن يتوقف، وأن القادم سيكون، دون شك، مفاجأة جديدة.