منى القبيسي.. إماراتية تحوّل الألم إلى أمل بخيوط «الكروشيه»

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
منى القبيسي.. إماراتية تحوّل الألم إلى أمل بخيوط «الكروشيه», اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025 11:22 مساءً

بين خيوط «الكروشيه» وألوانه، وُلدت قصة نجاح استثنائية عنوانها منى القبيسي، المرأة الإماراتية التي استطاعت قهر محنتها وتحويلها بثبات وحكمة وعزيمة صادقة إلى منصة انطلاق نحو الإبداع والتميز، بعد أن جاورها اليأس واقتربت من اتخاذ قرارات مأساوية تهدد حياتها، إثر تجربتها القاسية مع توائمها الثلاثة ذوي الاحتياجات الخاصة، التي غيّرت حياتها ودفعتها نحو عوالم الابتكار والفن والتقاط أنفاسها لتكون طوق نجاتها وطريق عودتها من جديد إلى الحياة بمعنويات أعلى، ثقة لا متناهية وتوق لتحقيق النجاحات.

ولادة مبكرة

توقّفت الإماراتية منى القبيسي، في بداية حوارها مع «الإمارات اليوم»، عند عام 2014، الذي حمل لها خبراً غير سار تمثل في حملها بعدد أطفال، بثلاثة توائم جدد اكتشفت معهم في غضون ثلاثة أشهر أن القدر كان يعد لها امتحاناً قاسياً، قائلة: «بقيت طوال فترة الحمل في حالة مراقبة طبية صارمة، لكنني في الأسبوع الـ25 من الحمل، واجهت مشكلة الولادة المبكرة، حيث أخبرني الأطباء أن الخسارة شبه مؤكدة، فيما إن عاش الأطفال فالإعاقة محتومة، الأمر الذي دفعني أثناء إجراء العملية القيصرية، إلى طلب تخدير، لعدم تحملي فكرة رؤيتهم ميتين. إلا أنني عدت وفوجئت حين أفقت، أن الثلاثة أحياء لكنهم قابعون للأسف في العناية المركزة». وأضافت «كان الخبر صاعقاً بالنسبة لي، فقد تحوّلت حياتي في لحظة لم أتوقعها، إلى صراع شرس مع المجهول، لكن مشيئة الخالق شاءت أن تبدأ رحلتهم مع الحياة، وسط بحر من المخاطر.. نزيف في الدماغ، ونقص في الأوكسجين بسبب عدم اكتمال الرئة، وضعف شديد في النمو، وتوقعات طبية موسعة بأنهم لن يفارقوا المصحة إلا بإعاقات جسيمة». وتابعت: «لم أكن أستطيع استيعاب ما يحدث، فكنت في كل زيارة للمستشفى، أنهار تماماً، ومع كل عودة إلى البيت أجد نفسي أمام محاولة شاقة للتماسك أمام عائلتي، وأطفالي الأربعة».

مشوار المعاناة

وفي معرض حديثها عن معاناتها الاستثنائية، أكدت القبيسي أن الأشهر الثلاثة الأولى مرت بطيئة للغاية، بكل ما تعنيه من قلق وخوف ومتابعة لأحوال أبنائها في المستشفى، إلى أن بلغها صباح أحد الأيام خبر الفاجعة الأكبر، قائلة: «رحل علي، وبقي محمد وعبدالله يصارعان الحياة، ويعانيان بدرجة أقل من نزيف في المخ سبب لهما إعاقات جسدية مختلفة، فيما ظل الألم النفسي الذي اختبرته خلال تلك الفترة، أكثر وطأة من الصدمات الطبية، فقد أدى إلى فقداني القدرة على التواصل مع أطفالي، وعجزي عن سماعهم، بعد أن رفضت لا شعورياً التعلق بهم خوفاً من رحيلهم عني، إلى أن وصلت الأمور إلى طريق مسدود بالنسبة لي»، وأضافت: «نتيجة هذه المعاناة والقلق، لم أجد مفراً من اللجوء إلى الطبيبة النفسية التي كشفت لي أنني في مرحلة ما قبل الانتحار، بعد أن بلغ الاكتئاب ذروته، ناصحة إياي باللجوء أولاً إلى جلسات الحوار، ومن ثم إلى الأدوية التي ترددت في البداية في تناولها إلى أن أكدت لي طبيبتي أنها لن تؤثر في رضاعة التوأمين».

تحولات وارتقاء

لم تخفِ القبيسي أن التحوّل الإيجابي في تعاطيها مع أزمتها كأم لأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، لم يأتِ من تناول الأدوية وحرصها على الخروج من أزمتها فحسب، بل من اكتشافها تجربة فنون «الكروشيه» خلال تلك الفترة وغوصها في عوالمها الإبداعية الفريدة قائلة: «خلال فترة الحمل كنت ممنوعة من الحركة فبحثت عن شيء يسهم في إبعادي عن الملل عبر منصة (يوتيوب)، وقتها، وجدت مصادفة مقاطع مصورة لصناعة (الكروشيه) ساعدتني في التعرف إلى تقنيات هذا الفن الفريد لأدخل دونما أدري عالماً جديداً، نجحت كل حلقة خيط وكل قطعة أبنيها فيه، في انتشالي من القاع وإخراجي من دائرة الأفكار السوداء، فكنت أقضي ساعات طويلة منكبة على العمل وكان (الكروشيه) أصدق علاج وأفضل مهدئ لروحي».

إنجازات ومشاركات

مع مرور الوقت نجحت منى القبيسي في تحويل «الكروشيه» من تسلية شخصية إلى تجسيدات تشكيلية فريدة وتحف فنية ساحرة، فانطلقت من تصميم قطع صغيرة لأطفالها إلى تنفيذ لوحات كبيرة باستخدام «الكروشيه»، تستغرق شهوراً من العمل والصبر والإتقان، في الوقت الذي سعت فيه القبيسي إلى تكريس موهبتها من خلال الدراسة والتدريب، فحصلت على اعتماد مدربة «كروشيه» من مركز الفنون والحرف اليدوية الأميركي، وسجلت حقوق ملكية فكرية لأعمالها، كما شاركت في معارض مرموقة مثل معرض الصيد والفروسية ومعرض فنون العالم دبي، بلوحات جسدت رموزاً وطنية وشخصيات بارزة، مثل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. وأضافت «أنا، اليوم، فخورة بقدرتي على تحويل (الكروشيه) إلى لوحات تشكيلية، بعد أن قدمت براءة اختراع محلياً ودولياً»، وتابعت «حين عرضت أولى لوحاتي، تساءل الجمهور بدهشة: كيف يمكن لفن (الكروشيه) أن يتحوّل إلى صورة متقنة بهذا الشكل، إلا أن كل غرزة في تلك اللوحات كانت نبضات حياة جديدة لي، لهذا السبب أحببت أن أجعل من تجربتي منارة للفتيات الإماراتيات، إذ أعمل اليوم على تدريب نساء وفتيات كثيرات، بعضهن يعانين أمراضاً خطرة أو ظروفاً أسرية قاسية. أحاول مساعدتهن نفسياً من خلال تعلم صناعة يدوية يشغلن بها أوقاتهن وتمنحهن أملاً جديداً في المستقبل».


علامة تجارية

أكدت فنانة «الكروشيه» الإماراتية وصاحبة علامة «ديما كروشيه» سعيها قريباً إلى إطلاق تشكيلة جديدة من المنتجات الخاصة بمستلزمات الأطفال، والحقائب، والشالات النسائية، مؤكدة أن هدفها ليس الشهرة الشخصية بقدر ما هو الارتقاء بهذا المجال، ومساعدة المهتمات به في الارتقاء بتجاربهن وصولاً إلى إبداع خط إماراتي من منتجات «الكروشيه» ولوحات فنية فريدة تنافس عالمياً وترفع اسم الإمارات في المحافل العالمية.


ولادة ثانية

على امتداد 12 عاماً لم توفر منى القبيسي، أدنى جهد للعناية بتوأميها، حيث قامت بزراعة قوقعة لكليهما في الولايات المتحدة بهدف تحسين حاسة السمع لديهما، ما أسهم في نجاح أحدهما في الحديث والكلام، كما ساعدت عملية زراعة الخلايا الجذعية التي أجريت لهما في الصين على تحسين عملية المشي لديهما، وإن بقي أحدهما أقل قابلية للعلاج، دون أن تفقد الأمل، قائلة: «محمد وعبدالله نعمة حياتي، فبفضلهما وُلدت من جديد، وبسبب حالتهما الصحية، ارتقيت عملياً وعلمياً فنلت الماجستير في علم النفس وصعوبات التعلم من جامعة بورتسميث-بريطانيا، والدبلوم المهني في دمج أصحاب الهمم من جامعة عجمان». وتابعت: «أنا اليوم أقوى وأنجح من قبل، فقد وُلدت مرة أخرى مع توأمي، ونجحت في أن أحوّل الألم إلى أمل، والانكسار إلى إبداع».

منى القبيسي:

. كل غرزة في تلك اللوحات كانت نبضات حياة جديدة لي، لهذا السبب أحببت أن أجعل من تجربتي منارة للفتيات الإماراتيات.

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق