جريمة القرن.. أسرار الزوجة الثانية التي طبخت السمّ ولم تتذوقه

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جريمة القرن.. أسرار الزوجة الثانية التي طبخت السمّ ولم تتذوقه, اليوم الأحد 24 أغسطس 2025 10:55 مساءً

ظلت قرية دلجا الصغيرة بمركز دير مواس في محافظة المنيا لأسابيع تحت وطأة لغز ثقيل، بعد أن فقدت أسرة كاملة في ظروف غامضة، بدأت القصة بوفاة خمسة أطفال أشقاء في تتابع مروع، ثم لحق بهم الطفل السادس وأخيراً الأب، في مشهد مأساوي لم تشهده القرية من قبل.

ظهرت الواقعة في بدايتها أعراض مرض غامض أو تسمم غير محدد، ومع تراكم الشهادات الطبية والتحريات الأمنية، تحوّل الغموض إلى يقين جنائي انتهى بإعلان وزارة الداخلية، اليوم أن زوجة الأب الثانية وراء تسميم الأسرة بدافع الغيرة، وأنها اعترفت بوضع مبيد حشري في الخبز الذي تناوله الأطفال ووالدهم. 

البداية المأساوية

يوم السبت الموافق 12 يوليو الماضي، وصل البلاغ الأول عن وفاة خمسة أطفال أشقاء من الأسرة، وتلاحقت الوفيات وسط أعراض متشابهة شملت ارتفاعاً حاداً في الحرارة، وقيئاً متكرراً، واضطراباً في الوعي.

 بعد أيام قليلة، لحقت بهم الشقيقة السادسة "فرحة" التي كانت تخضع للعلاج، حيث توفيت يوم الثلاثاء 22 يوليو في مستشفى الإيمان بأسيوط، ولم تتوقف المأساة عند هذا الحد، فصباح يوم الجمعة 25 يوليو، توفي والد الأطفال "ناصر محمد علي" في مستشفى أسيوط الجامعي بعد تدهور حالته الصحية، لتكتمل الصورة المأساوية خلال أقل من أسبوعين بوفاة سبعة أفراد من أسرة واحدة.

من مرض غامض إلى شبهة جنائية

تعاملت الأجهزة الطبية مع الحالة على أنها مرض غامض أو تسمم غير محدد، وفحصت فرق من الطب الوقائي المنزل ومصادر المياه والطعام، بشكل دقيق، وأخذت عينات لإجراء التحاليل المعملية اللازمة، في الوقت نفسه، وسعت أجهزة البحث الجنائي دائرة تحقيقاتها لتشمل الاستماع إلى جميع المحيطين بالأسرة ومراجعة مسارات انتقال العدوى المحتملة.

مع استمرار سقوط الضحايا وغياب أي رابط وبائي واضح، بدأت بوصلة التحقيق تتحول تدريجياً نحو شبهة التسميم العمدي، حيث  خضعت الأم وزوجة الأب الثانية لسلسلة من الاستدعاءات للاستماع إلى أقوالهما، في محاولة لكشف الغموض الذي يحيط بالواقعة.

دور حاسم للطب الشرعي

بتعليمات من النيابة العامة، جرى استخراج جثامين الضحايا وأخذ عينات من الأمعاء والمعدة والدم لإرسالها إلى المعامل المركزية، فيما قدم أساتذة السموم الإكلينيكية المفتاح الأول لفك اللغز المعقد، خلصت قراءات الأعراض ومسار تدهور الحالات، وفقاً للشهادات الطبية، إلى تطابقها مع أعراض التسمم بمبيد "كلورفينابير" المستخدم في مكافحة الآفات الزراعية، واعتمد هذا الاستنتاج على خبرات محلية ومقارنات بحالات منشورة عالمياً لسمية هذه المادة، التي تعمل على تعطيل إنتاج الطاقة داخل الخلايا وتسبب فشلاً متعدد الأعضاء.

كان هذا التحليل الطبي الدقيق بمثابة المقدمة التي وجهت التحريات نحو البحث عن المصدر المحتمل للمبيد وكيفية وصوله إلى طعام الأسرة، وأصبح التركيز الآن على تتبع كيفية حصول الجاني على هذه المادة السامة وطريقة استخدامها، ما دفع جهات التحقيق إلى توسيع دائرة البحث في محيط الأسرة، خاصة بعد تضارب أقوال بعض الشهود حول ما إذا كانت الأسرة تناولت طعاماً معداً في المنزل أم وجبة جاهزة من الخارج.

مشاهد مؤثرة من القرية

خلال تلك الأيام العصيبة، تحولت قرية دلجا إلى ساحة حزن مفتوح، الجنازات المتلاحقة في مقابر القرية زادت من حدة الأسئلة المطروحة، وسط تداول واسع لمقاطع وصور ودع فيها الأهالي الأطفال واحداً تلو الآخر، وظهر المشهد بمزيد من القسوة مع حضور زوجة الأب الثانية بعض المراسم وإظهارها الحزن علناً، قبل أن تكشف التحريات لاحقاً عن حقيقة مختلفة تماماً كشفتها تحقيقات الأجهزة الأمنية.

خيوط التحقيق المتقاطعة

تحركت فرق البحث على عدة مسارات متوازية، مراجعة دوائر العلاقات العائلية والمالية للأسرة، وتوثيق تسلسل تحضير الوجبات الأخيرة التي تناولها الضحايا، وتتبع إمكانية شراء مبيدات زراعية من محال المنطقة، وبدأت الشبهات تتركز تدريجياً حول الزوجة الثانية، خاصة في ظل روايات عن توتر شديد داخل الأسرة إثر اتجاه الأب إلى إعادة زوجته الأولى إلى عصمته.

وبمواجهة الأدلة والقرائن،  وجدت الزوجة الثانية نفسها في بؤرة الاتهام، باعتبارها صاحبة الدافع الأقوى والقدرة على الوصول إلى مطبخ البيت وإعداد الخبز،خاصة أن الجيران وأقارب الأسرة تحدثوا عن خلافات حادة بين الزوجتين، وعن شعور الزوجة الثانية بأنها مهمشة بعدما استعاد الأب علاقته بوالدة أطفاله، وهذه الخلفية العائلية ألقت بظلالها على التحقيق، فبدأت الشبهات تحوم حول الزوجة الثانية التي كان لديها الدافع الأقوى للانتقام، وساعدت هذه الخيوط في تجميع الصورة الكاملة للجريمة، قبل أن تأتي نقطة التحول الحاسمة مع الاعتراف التفصيلي

الاعتراف سيد الأدلة 

بعد استجواب مطول ومواجهتها بالأدلة، اعترفت الزوجة الثانية أمام جهات التحقيق بأنها وضعت السم في الخبز الذي أعدته الأسرة في أحد الوجبات.

 قالت إنها اشترت المبيد الحشري من أحد المحال الزراعية، ثم خلطته بعجين الخبز وقدّمته للأطفال ووالدهم بهدف إنهاء حياتهم جميعاً، وبررت فعلتها بأنها شعرت بالانتقام من زوجها بعد أن فضّل زوجته الأولى عليها، وقالت إنها لم تتوقع أن تصل النتائج إلى هذا الحد، لتأتي اعترافاتها مطابقة للتحاليل الطبية والتقارير الجنائية، ما حسم الجدل حول أسباب الوفاة وأغلق الباب أمام الروايات المتعددة التي كانت تُتداول على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكشفت التحقيقات أن المتهمة خططت للجريمة بدقة، حيث شاركت في جنازة الضحايا بهدف إبعاد الشبهات عنها، وفقاً لاعترافاتها، قالت: "مشيت في جنازتهم علشان أبعد الشبهة"، مما يظهر مدى تخطيطها المسبق للجريمة ومحاولتها التمويه على السلطات.

بيان وزارة الداخلية

وزارة الداخلية أصدرت بياناً أوضحت فيه ملابسات الواقعة، مؤكدة أن التحقيقات كشفت عن أن الوفاة حدثت نتيجة تناول مادة سامة وضعتها زوجة الأب في الطعام، وأشارت الوزارة إلى أن التحريات استندت إلى تقارير الطب الشرعي وشهادات الشهود واعتراف المتهمة نفسها، وأن النيابة العامة تولت مباشرة التحقيقات لاستكمال الإجراءات القانونية، ليساهم البيان الرسمي في تهدئة الجدل وإيقاف سيل الشائعات التي انتشرت عقب الحادثة، خصوصاً تلك التي ربطت الأمر بوجبات جاهزة أو تسمم جماعي من مصادر خارجية.

شهادات من القرية

روايات الأهالي كشفت أبعاداً إضافية للقصة، بعض الجيران أكدوا أن الخلافات بين الزوجتين كانت معروفة منذ سنوات، وأن الزوجة الثانية كانت تعبر أحياناً عن غيرتها بشكل صريح. 

وآخرون أشاروا إلى أن الأطفال كانوا على علاقة طبيعية بها ولم يبدُ عليهم أي خوف أو قلق، ما جعل الجريمة أكثر صدمة لأنها جاءت من شخص كانوا يعتبرونه قريباً منهم، وأحد الشهود قال إن الأب كان ينوي إصلاح العلاقة بين زوجتيه قبل أن تقع الكارثة، فيما ذكر آخر أن المتهمة اشترت بالفعل مبيداً حشرياً قبل أيام من الواقعة بدعوى التخلص من حشرات في المنزل. 

التحقيقات والإجراءات المقبلة

النيابة العامة أمرت بحبس المتهمة على ذمة التحقيقات، ومواصلة جمع الأدلة والشهادات. ومن المتوقع أن تُحال القضية إلى محكمة الجنايات في المنيا خلال الأسابيع المقبلة بعد استكمال ملفها الجنائي، فيما أوضحت  مصادر قضائية أن الاعتراف الصريح من المتهمة إلى جانب الأدلة العلمية التي تثبت وجود المبيد في أجساد الضحايا تجعل القضية محكمة الإدانة، وأن العقوبة قد تصل إلى الإعدام شنقاً بالنظر إلى بشاعة الجريمة وتعدد ضحاياها. في المقابل، أشار محامون إلى أن الدفاع قد يحاول الدفع باتجاه إثبات اضطرابات نفسية للمتهمة لتخفيف الحكم، لكن احتمالات ذلك تظل ضعيفة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق