في مشهد يُجسّد معاناة المواطنين في عدن مع كل قطرة مطر، أطلقت أسرة في حي المدينة الشعب، مقابل مدرسة القدس، نداء استغاثة مُلحًّا بعد أن حوّلت أمطار غزيرة منزلهم إلى جزيرة منسية، بينما يصارع أحد أطفالهم، المُصاب بمرض مزمن، تدهور حالته الصحية دون أن تتمكن فرق الإسعاف من الوصول إليهم.

2a01:4f9:c012:24e1::1

ووفق شهود عيان، فإن تدفّق كميات هائلة من مياه الأمطار خلال الساعات الأولى من ظهر اليوم، غمرت شوارع الحي بالكامل، وحالت دون خروج الأسرة أو وصول أي فرق إنقاذ، في ظل غياب تام للتدخل السريع من قبل الجهات الرسمية، بما فيها الدفاع المدني والسلطة المحلية.

"الشارع صار نهرًا، والماء وصل إلى أكثر من مترين، والطفل يعاني من نوبات تنفس حادة... ندعو الله أن يصلنا أحد قبل أن يكون متأخرًا جدًا"، بهذه الكلمات وصف أحد أفراد الأسرة، في اتصال هاتفي مع مراسلنا، حالة الرعب واليأس التي تسود المنزل.

كارثة متوقعة: البنية التحتية تتهاوى مع أول أمطار

الحادثة ليست الأولى من نوعها، لكنها تُعيد تسليط الضوء على أزمة مزمنة في البنية التحتية لمدينة عدن، حيث تشهد عدة أحياء مثل الشعب، التواهي، خور مكسر، والمعلا، غرقًا شبه سنوي جزئي أو كلي، بمجرد هطول أمطار متوسطة الشدة. وبحسب تقارير محلية، فإن نحو 60% من شبكات تصريف مياه الأمطار في عدن إما متهالكة أو غير موجودة أصلًا – رقم صادم يُظهر حجم الإهمال الذي تعيشه المدينة، رغم تكرار النداءات.

وأشار نشطاء محليون إلى أن مجرى السيول المفترض في حي الشعب لم يُصَلَّح منذ أكثر من 10 سنوات، ما يجعل كل موسم أمطار كارثة إنسانية قابلة للتفاقم.

صمت رسمي في لحظة مصيرية

في الوقت الذي كانت فيه الأسرة تصارع المياه والوقت، لم تُسجَّل أي استجابة فورية من الدفاع المدني أو مكتب الصحة أو المجلس المحلي، حسب ما أكده سكان محليون. ورغم تلقي الجهات المختصة لعدة بلاغات، إلا أن التدخل تأخر لأكثر من ثلاث ساعات، حسب مصادر مطلعة.

"الدولة تختفي في اللحظات الحاسمة... نحن لا نطلب ترفًا، بل فقط أن نعيش بأمان"، علّق أحد السكان، في تصريح لوسائل الإعلام المحلية.

دعوات للتحرك العاجل ومحاسبة المقصّرين

وسط تصاعد الغضب الشعبي، دعت منظمات مجتمع مدني وناشطون إلى تدخل فوري لإنقاذ العالقين، وطالبوا بتشكيل لجنة طوارئ عاجلة لمعالجة الأوضاع في الأحياء المتضررة. كما دعوا إلى محاسبة المسؤولين عن تدني مستوى الخدمات، خاصة في ظل صرف ملايين الدولارات على مشاريع تنموية لم تُرَ في الواقع الميداني.