نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف نهزم البيروقراطية المصرية؟, اليوم الأربعاء 27 أغسطس 2025 10:14 مساءً
منذ أن بدأ محمد علي باشا مشروعه لتأسيس الدولة المصرية الحديثة في مطلع القرن التاسع عشر، كان الهدف بناء مؤسسات قادرة على إدارة دولة مركزية قوية، فأنشأ دواوين الحكومة لتنظيم الزراعة والجيش والضرائب والتعليم. ورغم أن هذه الخطوة كانت نقلة نوعية حينها، إلا أنها وضعت بذور عقل إداري جامد يعتمد على الأوراق واللوائح أكثر من اعتماده على الكفاءة والمرونة.
ومع مرور العهود المختلفة، من أسرة محمد علي إلى الاحتلال البريطاني، ثم الملكية، فالجمهورية في عهد عبد الناصر والسادات ومبارك، لم تتغير بنية هذا الجهاز الإداري إلا في شكله الخارجي، إذ تمت إضافة وزارات ودمج أخرى وتغيير مسميات، لكن العقل الجمعي البيروقراطي ظل متجمداً، منفصلاً عن التطور العلمي والعملي، متمسكاً بالروتين الورقي ومترهلاً في آليات الأداء.
واليوم، يقود الرئيس عبد الفتاح السيسي معجزة تنموية غير مسبوقة في التاريخ المصري الحديث، فقد استطاع في وقت وجيز أن يبني بنية تحتية عملاقة، ويطلق مشروعات كبرى في الصناعة والزراعة والطاقة والمدن الذكية، وأن يضع مصر في مصاف الدول الصاعدة بسرعة مذهلة أبهرت العالم، وصدمت الأعداء وخالفت كل التوقعات. غير أن الفجوة أصبحت واسعة بين سرعة هذا الإنجاز المعجز وبين بطء الجهاز الإداري الموروث، فالدولة تسير بسرعة فائقة، بينما البيروقراطية لا تزال تتحرك بآليات تقليدية متكلسة، وكأنها خارج الزمن.
وهنا يظهر الحل الواضح: لا يمكن هزيمة البيروقراطية بإصلاحات شكلية أو وعود مؤجلة، بل بالاعتماد على شركات إدارة وتشغيل حديثة تتولى إدارة كل مرافق ومؤسسات مصر بفكر عصري قائم على الرقمنة والحوكمة، مع بقاء السيادة والملكية للدولة. ويجب أن يتواكب ذلك مع الاعتماد على شباب الثورة الرقمية الذين يمثلون جيل المستقبل، فهم الأقدر على صياغة حلول إدارية مبتكرة، وإدارة المنصات الذكية، وربط مؤسسات الدولة بشبكات رقمية متطورة.
ومن جوهر هذا التحول أيضاً الخروج من التسلسل الوظيفي التقليدي الذي كان نتاجاً طبيعياً لعقل إداري قديم لا يفرز إلا المزيد من المشاكل. فالتعيين في مؤسسات الدولة يجب أن يتحول من منطق الأقدمية والوساطة إلى منطق قائم على الخبرات العلمية والعملية، عبر اختبارات موضوعية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، بحيث تُلغى أي فرصة لتدخل العنصر البشري أو المجاملات الشخصية، ويصبح معيار الكفاءة هو الفيصل الوحيد في الاختيار.
وإلى جانب ذلك يصبح من الضروري وضع استراتيجيات عمل قصيرة المدى وطويلة المدى لا تتأثر بتغيير وزير أو استقالة مسؤول، بحيث يبقى خط التنمية ثابتاً ومستمراً مهما تغيرت الوجوه. وعندها فقط يمكن أن يتحول الجهاز الإداري المصري من عبء ثقيل إلى قوة دفع حقيقية تواكب سرعة البناء، وتصبح البيروقراطية بعد فرمتتها جزءاً من الحل لا أصل المشكلة.
إن مصر اليوم أمام لحظة حاسمة، فالمعجزة التنموية التي يصنعها الرئيس السيسي تحتاج إلى أدوات تنفيذ بنفس السرعة والكفاءة، ولن يتحقق ذلك إلا عبر كسر جدار البيروقراطية المتجمدة، وإحلال منظومة تشغيل وإدارة حديثة، مدعومة بالرقمنة والذكاء الاصطناعي وشباب الثورة الرقمية.
اقرأ أيضاً
مطالب برلمانية بإزالة المعوقات والإجراءات البيروقراطية لتصوير الأفلام الأجنبية في الأماكن الأثريةمصطفى بكري: القضاء على البيروقراطية من أهم مطالب الشعب
البيروقراطية وأمراضها
0 تعليق