نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لماذا يرى ترامب أن جمع بوتين وزيلينسكي مهمة شبه مستحيلة؟, اليوم السبت 23 أغسطس 2025 10:44 صباحاً
في خضم الجهود الدولية المتعثرة لإيجاد تسوية تنهي الحرب في أوكرانيا، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصريحات تعكس إدراكه العميق لتعقيدات الأزمة.
ترامب أقرّ أن عقد لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يبدو بالغ الصعوبة، مشبهاً محاولة الجمع بينهما بمحاولة "خلط الزيت بالماء".
ورغم هذا التشبيه القاتم، أبقى الرئيس الأميركي باب الأمل موارباً حين أشار إلى إمكانية بحث سبل التعاون بين الرئيسين لإنهاء الحرب، مكتفياً بالقول رداً على سؤال حول مشاركته الشخصية في لقاء كهذا: "سنرى".
لكن مساعي واشنطن لتحقيق السلام في أوكرانيا لم تحصد النجاح حتى الآن، فموسكو سارعت إلى تبريد الأجواء عبر مواقف صريحة، فيما قابلتها كييف باتهامات مباشرة لروسيا بعرقلة أي مسار سياسي.
وبين هذين الموقفين، وجد ترامب نفسه أمام واقع معقد لا يملك سوى محاولة تحريك مياهه الراكدة.
موسكو تسكب الماء البارد على الجهود
تصريحات ترامب سبقتها تأكيدات روسية واضحة. وزير الخارجية سيرغي لافروف أعلن أنه "لا خطط لعقد لقاء بين بوتين وزيلينسكي"، مشدداً على أن الرئيس الروسي سيكون مستعداً لمثل هذا الاجتماع فقط عندما يكون هناك جدول أعمال جاهز.
هذا الموقف يعكس تشدد موسكو وحرصها على عدم الدخول في لقاءات قد تتحول إلى سجال سياسي من دون نتائج ملموسة.
وفي تفسير لهذه المقاربة الروسية، قال الكاتب والباحث السياسي يفغيني سيدروف في حديثه إلى برنامج التاسعة على "سكاي نيوز عربية": "من الجانب الروسي، ومن الرئيس بوتين تحديداً، لا مانع من عقد هذا اللقاء، ولكن يجب أن يكون معداً بشكل دقيق، بحيث تكون النقاط واضحة تماماً قبل انعقاده. لا يمكن أن يتحول هذا اللقاء إلى مشاجرة أو فضيحة أخرى على غرار ما حدث في نهاية فبراير الماضي".
سيدروف أوضح أن أي لقاء غير مُحضّر مسبقاً سيكون بلا جدوى: "إذا تصورنا مثلاً أن بوتين وزيلينسكي سيلتقيان غداً، هناك شروط من قبل روسيا وهناك رفض كامل لهذه الشروط من قبل زيلينسكي. ماذا سيسفر عن هذا اللقاء؟ لا شيء".
ويضيف: "طالما أنه لم يكن هناك تحضير جيد ودقيق بكل تفاصيل هذا اللقاء، فلا جدوى من إجرائه الآن. مع ذلك، روسيا طبعاً مع فكرة هذا اللقاء، ومن ثم ربما لقاء ثلاثي بحضور الرئيس ترامب، الذي رغم أنه يلمح إلى أنه لا يريد المشاركة، إلا أنه في حالة التفاهم بين روسيا وأوكرانيا سيحضر ليظهر أنه صانع السلام".
كييف تتهم موسكو بالعرقلة
على الجانب الآخر، اتخذت كييف موقفاً اتهامياً مباشراً. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال إن روسيا "تبذل قصارى جهدها لمنع عقد لقاء مباشر" بينه وبين بوتين، مطالباً بفرض "عقوبات جديدة" على موسكو في حال لم تُبد أي نية حقيقية لإنهاء حربها.
هذه اللهجة تعكس يأس كييف من إمكانية تحقيق اختراق دبلوماسي قريب، وتكشف عن توجهها نحو الضغط عبر الأدوات الغربية والعقوبات الدولية بدلاً من انتظار تنازلات روسية لا تبدو وشيكة.
الضمانات الأمنية.. مطلب بلا تنفيذ
الأزمة الأوكرانية لم تقتصر على جدل اللقاءات، بل امتدت إلى ملف الضمانات الأمنية. الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، وخلال زيارته لكييف التي تزامنت مع غارة جوية روسية على العاصمة، دعا إلى تقديم "ضمانات أمنية قوية" تشمل تعزيز الجيش الأوكراني وردع أي هجوم مستقبلي، إلى جانب دعم أمني من الولايات المتحدة وأوروبا.
لكن زيلينسكي نفسه بدا مدركاً لصعوبة التنفيذ، إذ قال إن "الأمر لا يزال مبكراً لتحديد الدول المستعدة لتقديم دعم عسكري أو استخباراتي مباشر".
الرئيس الأوكراني أوضح أن ما تريده بلاده هو ضمانات توازي المادة الخامسة من ميثاق الناتو، التي تنص على أن الهجوم على أي عضو في الحلف يعد هجوماً على الجميع.
ترامب.. بين الفرصة والمأزق
بالنسبة لترامب، لم يكن الأمر سوى اختبار جديد لمهاراته السياسية. فقد أعلن أنه يعتبر "الأسبوعين المقبلين مدة زمنية حاسمة تحدد فرص السلام في أوكرانيا من عدمها"، ولوّح بأن واشنطن قد تتبع "نهجاً مختلفاً" إذا لم يتحقق أي تقدم في الجهود الرامية إلى جمع بوتين وزيلينسكي على طاولة الحوار.
الباحث يفغيني سيدروف يرى أن الرئيس الأميركي يحاول الحفاظ على موقعه كوسيط محتمل من دون أن يغامر بالانخراط المباشر: "ترامب يلمح إلى أنه لا يريد المشاركة في اللقاء، لكنه في حال التوافق بين روسيا وأوكرانيا سيحضر ليظهر أنه صانع السلام. هذا الدور بالنسبة له ليس تفصيلاً، بل ورقة سياسية مهمة".
وبينما يسعى ترامب لاستثمار أي فرصة لتعزيز صورته كقائد قادر على حل الأزمات العالمية، فإنه يدرك أيضاً أن أي فشل في هذه المهمة قد ينعكس سلباً على رصيده السياسي، وهو ما يفسر حذره في الالتزام العلني بالمشاركة.
الشروط الروسية والمأزق الأوكراني
العقبة الأكبر أمام أي لقاء مباشر بين بوتين وزيلينسكي تبقى متمثلة في الشروط الروسية. فموسكو تصر على طرح شروط تعتبرها كييف مساساً بسيادتها، بينما يرفض زيلينسكي القبول بأي صيغة تبدو وكأنها اعتراف بانتصار روسي.
سيدروف لخّص هذه المعضلة بقوله: "هناك صورة واضحة تماماً، بمعنى أنه طالما لم يكن هناك تحضير جيد ودقيق لكل تفاصيل هذا اللقاء، فلا جدوى من انعقاده الآن".
هذا المأزق يجعل أي محاولة أميركية أو أوروبية لإعادة إحياء مسار التفاوض تصطدم بجدار صلب من الرفض المتبادل.
بينما يحاول ترامب رسم صورة الزعيم القادر على جمع بوتين وزيلينسكي، تبدو الحقائق على الأرض أكثر تعقيداً. موسكو تشدد على أن لا لقاء بلا أجندة، وكييف تتهمها بالمماطلة وتطالب بعقوبات جديدة، فيما يظل الناتو متردداً في تقديم ضمانات أمنية حقيقية توازي مطالب أوكرانيا.
تشبيه ترامب بأن جمع بوتين وزيلينسكي يشبه "خلط الزيت بالماء" يلخص الموقف بوضوح. ومع ذلك، فإن الأبواب لم تغلق تماماً. فروسيا تبدي انفتاحاً مشروطاً، وواشنطن تلوّح بخيارات بديلة، فيما تبقى كييف متمسكة بالضغط الدولي.
لكن ما لم تُحسم الشروط الجوهرية، فإن أي لقاء مباشر سيظل مؤجلاً إلى إشعار آخر، وستبقى الحرب الأوكرانية عالقة بين تعقيدات السياسة الدولية وضبابية المستقبل.
أخبار متعلقة :