عشرة نيوز

"ما السعر"؟ تمنحك قوة تفاوضية وتجعلك تحمي نفسك وميزانيتك

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"ما السعر"؟ تمنحك قوة تفاوضية وتجعلك تحمي نفسك وميزانيتك, اليوم السبت 23 أغسطس 2025 03:28 مساءً

رغم أنه من أبسط الأسئلة وأكثرها منطقية، إلا أن طرح سؤال "بكم السعر؟" عندما يكون سعر منتج ما، غير ظاهر للعلن، يشكل عبئاً نفسياً بالنسبة للكثير من المتسوقين، فالخوف من الإحراج أو من الظهور بمظهر الشخص الذي يهتم بالتكاليف فقط، يدفع عدداً كبيراً جداً من المستهلكين، إلى الصمت عند مواجهة أسعار غير واضحة، سواء كان ذلك في مطعم أو متجر أو حتى أثناء الحجز لخدمة خاصة.

والامتناع عن طرح سؤال "بكم السعر؟" أمر لا يحصل بالصدفة، بل هو ظاهرة تحصل نتيجة ما يُمكن تسميته بـ "بروتوكول المكان"، حيث يوحي الجو العام بأن السؤال عن السعر أمر خارج عن الذوق، حيث يرضخ الكثيرون لهذا "الضغط الرمزي"، فيشترون خدمة أو سلعة دون السؤال عن سعرها، فقط لحماية صورتهم الذاتية، ما يفتح الباب أمام قرارات إنفاق غير واعية وفواتير أعلى.

وبالنسبة للعديد من المتاجر والمطاعم ومقدمي الخدمات، فإن إخفاء السعر ليس مجرد خطأ غير مقصود، بل ناتج عن استراتيجية ضمن ما يُعرف بـ"هندسة التسعير"، حيث يُبنى الرهان على أن العملاء سيترددون أو يشعرون بالحرج من طرح السؤال المباشر عن الكلفة، وبالتالي ومن خلال هذا الأسلوب تتمكن الشركات من استغلال التردد النفسي وتحويل صمت المستهلك إلى مبيعات تعزز ربحيتها.

هل من الخطأ السؤال عن السعر؟

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" واطّلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فإن تردد الأفراد في الاستفسار عن تكلفة أي سلعة غير ظاهر سعرها، غالباً ما يرتبط بخوفهم من أن يُنظر إليهم على أنهم بُخلاء، خصوصاً إذا كانوا يعتقدون أن السعر يتجاوز قدراتهم المالية. ومع ذلك، يرى التقرير أنه من الحكمة دائماً السؤال عن السعر، حتى لو واجه الأفراد نظرات غريبة من قبل البائعين، فكل شخص يجب أن يسأل "ما تكلفة هذا وهل هناك أي إضافات في السعر؟"، إلا أن هذا الأمر لا يعف المتاجر والمطاعم ومقدمي الخدمات من مسؤولية توضيح الأسعار غير المعلنة، ولا سيما عندما تكون خارجة عن المألوف.

ووفقاً لتقرير "واشنطن بوست"، فإن هناك جملة من الدوافع التي تجعل المستهلك مضطراً للاستفسارعن السعر عندما لا يكون معلناً، أبرزها:

  • الموظف يعيش من راتب إلى راتب، وأي تكلفة غير متوقعة تقلب ميزانيته رأساً على عقب، ولذلك فإنه من الأسهل بكثير الاستفسار عن السعر مسبقاً، بدلاً من مواجهة فاتورة لا يمكن دفعها بسهولة.
  • لديك أولويات مالية أخرى، فطرح السؤال عن السعر لا يعني بالضرورة أنك بخيل، بل هو تعبير عن وعي مالي، ولذلك يجب عليك أن تكون واثقاً من أن معرفة سعر السلعة يتيح لك اتخاذ قرار واعٍ بشأن كيفية الإنفاق ومتى.
  • ستوفّر المزيد من المال وتخفف التوتر، فحين يعيش الناس حياتهم المالية بواقعية، يضمنون راحة البال والابتعاد عن التوتر، فهل من المنطقي مثلاً أن يدفع الفرد عبر بطاقة الائتمان 155 دولاراً مقابل طبق سمك فاخر، في حين أنه في الحقيقة لا يملك هذا المبلغ؟

السؤال حق طبيعي

ويقول الخبير في سلوكيات المستهلك أحمد العبدالله، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن هناك انطباعاً اجتماعياً يعتبر أن الاستفسار عن السعر علامة على ضعف أو قلة خبرة، ولكن هذا الانطباع أبعد ما يكون عن الواقع، فطرح السؤال عن الكلفة يُعدّ في جوهره ممارسة استهلاكية واعية وصحية، لأنه ببساطة يمنح المستهلك حقه الطبيعي في معرفة ما سيدفعه قبل اتخاذ أي قرار، مؤكداً أن الحديث عن المال ليس عيباً، بل إن العيب الحقيقي يكمن في الإنفاق العشوائي أو غير المدروس.

مفتاح القوة المالية

وبحسب العبد الله فإن الضغوط الاجتماعية غالباً ما تحوّل الاستهلاك إلى نوع من الاستعراض، ولذلك نجد أن بعض الناس يتفادون الاستفسار عن الأسعار غير المُعلنة، فقط للمحافظة على صورة معينة أمام الآخرين، وهنا تبدأ المخاطر، فهذه النزعة قد تُدخل الأفراد في فخ الديون الصغيرة المتراكمة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالمشتريات المتكررة، لافتاً إلى أن من يسأل عن السعر هو شخص يملك السيطرة على ميزانيته ويعرف كيف يحمي نفسه، فطرح السؤال لا يمنح المستهلك وضوحاً فقط، بل أيضاً يعطيه قوة تفاوضية، لأنه يعرف أين يقف وماذا يمكن له أن يختار، وهذا وعي مالي يحميه على المدى الطويل.

ويرى العبد الله أن الربط بين الرقي والامتناع عن السؤال عن الأسعار، يعكس نوعاً من "الإتيكيت المبالغ فيه" الذي يُضلل المستهلك أكثر مما يفيده، فالرقي الحقيقي لا يُقاس بقدرة المستهلك على الإنفاق العشوائي أو قبول الفواتير دون نقاش، بل بقدرته على إدارة موارده المالية بحكمة، وهو ما يشكل في النهاية السلوك الأكثر نضجاً.

 مسؤولية تصحيح المسار

من جهتها تقول الصحفية الاقتصادية رلى راشد، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن المتاجر التي تعرض الأسعار كاملة وواضحة أمام العملاء، هي غالباً ما تتعامل مع جمهور يميل إلى السؤال والمقارنة، قبل اتخاذ أي قرار شراء، وهذا النوع من المتاجر يعكس شفافية مالية ويتيح للعميل الشعور بالثقة والسيطرة على خياراته، في المقابل فإن الغموض في الأسعار غالباً ما يكون استراتيجية مدروسة في بعض المتاجر، التي تعمد الى دفع العملاء إلى التجاوب مع اقتراحات البيع دون تقييم دقيق، وهذا الأسلوب يربط الاستهلاك بالعاطفة أكثر من العقل، ويستفيد من ميل البعض لتجنب إحراج السؤال عن السعر.

وتشدد راشد على أن مسؤولية تصحيح المسار في ما يتعلق بضرورة الكشف عن الأسعار، لا تقع على عاتق المستهلك وحده، فمسألة الشفافية السعرية هي مسؤولية مشتركة، تتوزع أيضاً على التجار وأصحاب المطاعم ومقدمي الخدمات، حيث أن الوضوح في عرض الأسعار، لا يُضعف العلامات التجارية بل يمنحها قوة إضافية، لافتةً إلى أنه عندما يكون الزبون على دراية كاملة بما سيدفعه وما يقابله من قيمة، تقل احتمالات الشعور بالاستغلال، ويزداد شعوره بالراحة والاستعداد للتعامل المتكرر.

4 قواعد يجب اتباعها

وتنصح راشد الحريصين على ميزانيتهم، باتباع 4 قواعد بسيطة عند إنفاق أموالهم في الأسواق هي كالآتي:

أولاً، البدء دائماً بطلب السعر قبل تقديم أي التزام.

ثانياً، السؤال بشكل واضح عن أي رسوم إضافية محتملة قد تُضاف لاحقاً.

ثالثاً، المقارنة بين خيارين على الأقل للتأكد من الحصول على أفضل قيمة.

رابعاً، أخذ فترة قصيرة قبل تأكيد الشراء، حيث يمنح هذا التوقف القصير المستهلك رؤية أوضح ويجنبه الانجراف وراء قرارات إنفاق متسرعة.

أخبار متعلقة :