عشرة نيوز

لماذا يتأخر الأردن بترشيد موارده البيئية والمائية والزراعية؟

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لماذا يتأخر الأردن بترشيد موارده البيئية والمائية والزراعية؟, اليوم الاثنين 25 أغسطس 2025 02:57 صباحاً

سرايا - ما تزال الأسئلة تدور حول ما إذا كان الأردن يسير فعليا نحو نهج "ترشيد موارده البيئية والمائية والزراعية"، الهادفة لضمان استدامتها للأجيال المقبلة، من خلال تقليل الهدر، وخفض الاستهلاك غير الضروري، وحماية البيئة من التلوث، ما يدعم الأمن المائي والغذائي، ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة، فيما يجيب خبراء بالنفي.

ولا تقع مسؤولية الترشيد على الحكومة وحدها ومن خلال اتباع نهج إستراتيجي وفعال في التعامل مع تلك الموارد، بل أيضا على المواطنين والمزارعين، والقطاع الخاص كذلك.
وأرجع الخبراء أسباب عدم تحقيق ذلك النهج إلى سوء إدارة مصادر المياه، والاختناقات التسويقية الزراعية، وتدهور التربة، وضعف التمويل المخصص لبرامج حماية الطبيعة.
تأخر الترشيد
ومن وجهة نظر رئيس مجلس إدارة جمعية إدامة للطاقة والمياه والبيئة د. دريد محاسنة، فإن الأردن يعد "متأخراً في ترشيد موارده المائية"، وذلك لعدة أسباب بعضها خارج عن إرادته، إذ إن الكثير من مصادر مياهه مرتبطة بشكل أساسي مع دول مجاورة مثل سورية، وفلسطين.
ومن بين الأسباب الأخرى التي أجملها محاسنة، "إدارة الموارد المائية، والتأخر في إنجاز المشاريع، والتي كان على رأسها قناة البحرين التي طالما طال الحديث عنها في التسعينيات، لكنها لم تنجز".
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بحسبه، إذ إن أداء القطاع العام في تقديم الخدمات هو "في تراجع"، في ظل الاعتماد على وزارة المياه فقط في إدارة مشاريع المياه، بعيداً من إدماج القطاع الخاص في مشروعات حفر الآبار والتحلية.
وأضاف إن الاعتداءات على مصادر المياه تعد من بين الأسباب، إذ إن بعض محافظات المملكة تبلغ فيها نسبة المياه المهدورة (غير المحسوبة) 50 %، في حين أن القطاع الزراعي يستهلك أكثر من 55 % من المصادر المائية، دون أن يتعدى المردود الاقتصادي منه 4.5 %.
ومن أجل الوصول إلى ما يسمى بترشيد الموارد المائية، شدد محاسنة على ضرورة تفعيل نظام المحاسبة وخاصة من قبل مجلس النواب، صاحب صلاحية مراقبة الأداء الحكومي.
تناقص مناسيب المياه
ويعرف ترشيد الموارد المائية بأنه مجموعة السياسات والإستراتيجيات، والأنشطة التي تهدف إلى إدارة موارد المياه العذبة بشكل مستدام، وذلك لضمان توفرها للأجيال المقبلة، والحفاظ على البيئة الطبيعية، وفق تقارير أممية.
ويشمل الترشيد استخدام المياه بأقل كمية وتكلفة ممكنة في جميع القطاعات (المنازل، الزراعة، الصناعة)، وتقليل الهدر والإسراف، بالإضافة إلى تطوير تكنولوجيا استخدام المياه، وتغيير العادات الاستهلاكية لدى الأفراد والمجتمعات.
وفي رأي المُستشار في مجال المياه والزراعة د. جواد البكري، فإن الأردن "لم ينجح" في ترشيد موارده المائية سواء أكانت العذبة أم الجوفية، بدليل أن منسوب المياه "في تناقص" كل عام.
وخير دليل على ذلك، "ارتفاع الكلف لضخ المياه، لأن الأعماق التي ينبغي الوصول إليها للحصول على المياه الجوفية بات كبيرا جداً"، كما أفاد.
يأتي ذلك في وقت يستنزف فيه القطاع الزراعي الجزء الأكبر من مصادر المياه دون أن يتساوق ذلك مع تحقيق الأمن الغذائي" في المملكة، ومعظم المحاصيل "لا تتسم بأنها إستراتيجية"، تبعا له.
وتشير التقارير إلى أن نسب "الفاقد" في تلك المحاصيل يعد كبيراً، في ضوء أن أسعار المنتجات الزراعية "لا تنعكس" على المواطن أو المزارع، إذ إن السنوات الأخيرة شهدت ارتفاعاً في سعر المنتج الزراعي في الأسواق، وبالذات لذوي الدخل المحدود، بحسبه.
ولفت إلى أن الاختناقات التسويقية، والوسطاء الموجودين في الأسواق المركزية، هي السبب في ارتفاع تلك الأسعار، والتي لا يجد معها أي نوع من "الرقابة".
والأردن، في رأيه، وصل إلى "مرحلة الاكتفاء في الإنتاج الزراعي"، لكنه لم يصل إلى "تحقيق الأمن الغذائي"، والذي يتطلب الوصول إليه أن يستطيع ذوو الدخل المحدود شراء المنتجات الزراعية، التي تؤمن احتياجاته من الطاقة والبروتين، دون أن يقع "فريسة العجز المالي".
ولكنه نوه إلى أن ثمة موردا "لا ينظر إليه من قبل الجهات المعنية"، وهو "التربة وتدهور مصادرها" الناتج عن تدني موارد المياه، وسوء إدارة من قبل المزارعين، وعدم وجود خطط لمنع انجرافها.
ومن بين الأمور الأخرى التي تحدث عنها البكري "البناء على الأراضي الزراعية، والذي بتنا نشهده بصورة أكبر ضمن الوحدات الزراعية في مناطق الأغوار، والتي تعتبر سلة غذاء الأردن، وفق مسوحات نفذتها كلية الزراعة في الجامعة الأردنية".
وبالإضافة إلى ذلك، فإن ما يتسبب بتدهور التربة "عدم وجود برامج إرشادية زراعية"، في ظل أن جزءا كبيراً من التربة تعاني من التملح في الأردن، وفق تأكيداته.
وبين أن نسبة كبيرة من الأراضي في مرتفعات مناطق البادية تعاني من الانجراف، وبحاجة إلى تدخلات إنسانية لإصلاحها.
بيد أن البكري حذر من أن تدهور التربة "يقصر" من العمر الافتراضي للسدود، ومنسوب تخزينها.
ومن أجل الوصول إلى ترشيد الموارد الزراعية، دعا البكري إلى إعادة النظر في السياسات المعمول بها، وتعزيز برامج دعم صغار المزارعين، وإلغاء زراعة العديد من المحاصيل.
ومن بين المقترحات، الاستعانة بالشركات الزراعية التسويقية، واعتماد التسويق الإلكتروني، ورفع مستويات الإرشاد والتوعية على مستوى المزارع والأسرة والفرد.
التنوع الحيوي
ويمكن تعريف ترشيد المصادر البيئية بكيفية إدارتها والاستفادة منها بصورة مستدامة، ولعل أحد مكوناتها الرئيسية هو التنوع الحيوي الذي يُعد مورداً متجدداً "إن اعطي الفرصة لذلك"، وفق الخبير في مجال التنوع الحيوي إيهاب عيد.
وأما بخصوص تقييم وضع الأردن في مجال ترشيد الموارد البيئية وخاصة في مجال التنوع الحيوي، فمن وجهة نظر عيد، ثمة بعض الإنجازات المحققة، من بينها إنشاء شبكة من المحميات الطبيعية، التي تضم حالياً 11 محمية برية وبحرية في خليج العقبة، إلى جانب ست مناطق حماية خاصة، ومنطقة حمى تقليدية.
كما شهدت المملكة برامج لإعادة الإكثار والإطلاق، مثل إكثار البدن في محمية الموجب، وإطلاق الأيل الأسمر في عجلون، إضافة إلى إعادة إكثار المها، بالإضافة إلى جهود استعادة النظم البيئية، مثل إعادة إحياء محمية الأزرق المائية، وفق قوله.
ورغم هذه الإنجازات، في رأي عيد، ما تزال هناك تحديات كبيرة، أهمها ضعف التمويل المخصص لبرامج حماية الطبيعة، ما أدى إلى قصور في تنفيذ خطط الاستعادة، وإيقاف برامج توطين الكائنات.
وبحسب الدراسات العلمية المنشورة، فإن 39 % من الأنواع الحيوانية مهددة بالانقراض، إضافة إلى 6 أنواع انقرضت فعلاً، فيما يواجه نحو 32 % من الأنواع النباتية خطر الانقراض، بحسبه.
والحال لا تختلف كثيراً عند التطرق إلى شأن الغابات في الأردن؛ إذ تتراجع مساحتها سنوياً نتيجة التصحر، والتحطيب والرعي الجائر، وتغير استخدامات الأراضي، في حين أصبحت النظم البيئية الغابوية والمائية، ومناطق الكثبان الرملية الأكثر هشاشة في ظل تفاقم آثار التغير المناخي، وضعف الهطول المطري، وارتفاع درجات الحرارة، تبعا له.
وتابع قائلاً: "لعل من النماذج المهمة على جهود الترشيد، ما تحقق في محمية العقبة البحرية التي ساهمت في حماية الشعاب المرجانية، والأنواع البحرية الفريدة، لكنها تحتاج إلى تعزيز أكبر، وضمان تكاملها مع التنمية الساحلية لضمان استدامتها".
ومن أجل المضي قدماً، اقترح عيد أن يحظى الإرث الطبيعي بالأولوية ذاتها التي يحظى بها الإرثان الثقافي والتاريخي، وذلك عبر توفير مخصصات مالية وبشرية كافية، والاستعانة بالخبرات الوطنية لضمان استمرارية عمل المؤسسات ذات العلاقة.
ومن الأمور الأخرى التي اقترحها كذلك، مراجعة القوانين وتطويرها، مثل قانون الصيد الذي أظهرت دراسات أنه ساهم في تدهور بعض أنواع الثدييات.
ودعا إلى دعم شبكة المناطق المحمية وربطها بمخططات التنمية الوطنية، وعدم تركها جُزراً معزولة، إضافة إلى تطبيق صارم للتشريعات البيئية وربطها بحوافز اقتصادية تشجع المجتمع المحلي والقطاع الخاص على تبني ممارسات صديقة للبيئة.
ترشيد زراعي
ويعرف ترشيد الموارد الزراعية بأنه "التعامل بحكمة وبتقنين لجميع عناصر العملية الإنتاجية، التي تتضمن التربة، واستخدام الأسمدة والمياه والطاقة"، وفق مدير عام اتحاد المزارعين م. محمود العوران.
ولفت العوران إلى أن ترشيد الموارد الزراعية يتطلب التعاون بين القطاعين العام والخاص، إذ إن مسؤولة الإرشاد تقع بالدرجة الأولى على عاتق وزارة الزراعة، وكذلك وزارتي البيئة والمياه، وأمانة عمان الكبرى.
وأشار إلى أن الحصاد المائي يعد من أساليب ترشيد الموارد الزراعية، لكن ما يزال البحث والتتبع العلمي بإيجاد المساقط المائية الصحيحة لتلك الغاية "مفقود".
واستند في رأيه، إلى أنه ومنذ عشر سنوات أصبح الهطول المطري يتجه أكثر نحو المناطق الشرقية، ما يعني أن مشاريع الحصاد المائي يجب أن تزيد نسبتها فيها، مع التركيز على المدن الأقل حظاً في الهطولات المطرية.
وأما في ما يتعلق بشأن الأسمدة، فشدد العوران على ضرورة وجود ترشيد في استخداماتها، وخاصة لدى ارتفاع درجات الحرارة، والتي يتطلب معها خفض استعمال السماد، للحفاظ على رطوبة التربة.
ولا بد أن تناط بشركات البحث الزراعي، التي تتعامل بقضايا إنتاج البذور والأسمدة، مهمة تطبيق المشاهدات والتجارب العملية، لإقناع المزارع بتغيير النهج، أو في مسألة الترشيد، وفق قوله.

الغد


أخبار متعلقة :