قمة العلمين.. مصر والإمارات ترسمان خريطة تعاون ممتدة حتى 2071

وصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى مدينة العلمين الجديدة  في زيارة رسمية استقبله خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي في مطار العلمين الدولي. 

اختار الشيخ محمد بن زايد مدينة العلمين الجديدة، التي تمثل أحد رموز التطور العمراني والاقتصادي في مصر، مما يؤكد اهتمام الإمارات بدعم مسارات التنمية المصرية. 
كما أن اللقاء في هذه المدينة الساحلية يشير إلى الاهتمام المشترك بتعزيز الإعمار في المناطق ذات الأولوية الاستراتيجية، وهو ما يتوافق مع رؤية مصر 2030 ومئوية الإمارات 2071. 
وتأتي هذه الزيارة لتتوج سلسلة من اللقاءات المكثفة بين القائدين العربيين، فيما تمثل هذه الزيارة للشيخ محمد بن زايد لمصر المحطة السابعة عشرة في سلسلة اللقاءات المباشرة بين القائدين خلال الأعوام الخمسة الماضية، وفي المقابل قام الرئيس السيسي بثماني زيارات رسمية إلى أبوظبي خلال الفترة ذاتها، مما يؤكد كثافة التبادل الدبلوماسي على أعلى المستويات.
وتمثل العلاقات المصرية الإماراتية نموذجًا رائدًا للتعاون العربي، حيث تجمع بين ثقل مصر التاريخي والجغرافي ودور الإمارات الريادي في الاقتصاد والابتكار. 
وتحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تطورت هذه العلاقات من إطار تقليدي إلى شراكة إستراتيجية شاملة، تغطي المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، ما يساهم في تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة العربية.

العلاقات الاقتصادية بين البلدين 

تشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطوراً ملحوظاً، حيث بلغ حجم التبادل التجاري 6.2 مليار دولار في عام 2024، بزيادة 18% عن العام السابق.
و وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري، تحتل الإمارات المرتبة الثانية كأكبر مستثمر أجنبي في مصر، باستثمارات تراكمية تتجاوز 35 مليار دولار موزعة على قطاعات الطاقة والعقارات والبنية التحتية والخدمات المالية.
ومن أبرز المشاريع المشتركة بين البلدين مشروع محطة "الضبعة النووية" الذي تساهم فيه شركات إماراتية بنسبة 22% من التمويل، ومشروع مدينة "المستقبل" في العاصمة الإدارية الجديدة الذي يستثمر فيه صندوق أبوظبي السيادي 4.5 مليار دولار. كما تشارك الإمارات في تطوير منطقة محور العلمين الاستثماري الذي يضم ميناءً بحرياً ومنطقة صناعية متكاملة.

تعاون أمني وعسكري

على الصعيد الأمني والعسكري، يشهد التعاون تنسيقاً مكثفاً في مجالات مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريبات العسكرية المشتركة. فقد شاركت القوات المسلحة الإماراتية في مناورات "خالد بن الوليد" المشتركة التي جرت في نوفمبر 2024، كما وقع البلدان اتفاقية للتعاون في مجال الصناعات العسكرية بقيمة 1.7 مليار دولار.
العلاقات الثقافية والتعليمية
العلاقات الثقافية والتعليمية تشهد بدورها نمواً ملحوظاً، حيث تستضيف مصر أكثر من 15 ألف طالب إماراتي في جامعاتها، بينما تستقبل الإمارات حوالي 25 ألف مواطن مصري للعمل في قطاعات التعليم والصحة والهندسة. كما تشارك الإمارات في ترميم الآثار المصرية من خلال مشروع ترميم هرم زوسر المدرج الذي تموله بأكثر من 50 مليون دولار.

ملفات ساخنة

على المستوى الإقليمي، يتعاون البلدان في العديد من الملفات الساخنة، حيث يتبنيان رؤى متقاربة تجاه الأزمات في ليبيا وسوريا واليمن، ويعملان على تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. كما يدعمان عملية السلام في الشرق الأوسط من خلال دعم مبادرة السلام العربية والمشاريع التنموية في فلسطين.

ثمار الزيارات المتبادلة

الزيارات المتبادلة بين القائدين أسست لشراكة إستراتيجية شاملة تغطي كافة المجالات. فبالإضافة إلى اللقاءات الرسمية، أجرة القائدان أكثر من 30 اتصالاً هاتفياً خلال العامين الماضيين، وفقاً لبيانات الديوان الرئاسي ، مما يعكس متانة التنسيق المستمر بين البلدين، فيما  تستهدف الخطة المشتركة بين البلدين رفع حجم التبادل التجاري إلى 10 مليارات دولار بحلول 2030، وتوسيع التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي. كما يعمل البلدان على إنشاء منطقة صناعية مشتركة في منطقة قناة السويس تستهدف جذب استثمارات تصل إلى 8 مليارات دولار.
هذه الشراكة الإستراتيجية المتينة بين مصر والإمارات تمثل نموذجاً ناجحاً للتعاون العربي، وتؤكد أن التكامل الاقتصادي والأمني بين الدول العربية هو الطريق الأمثل لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة. 
---

المصادر:

1. بيانات وزارة الخارجية المصرية - أغسطس 2025
2. التقرير الاقتصادي للبنك المركزي المصري 2024
3. الهيئة العامة للاستثمار والإمارات
4. بيانات الديوان الرئاسي المصري
5. وكالة أنباء الإمارات (وام)
6. مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية