نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صور مروعة.. أحداث مؤلمة.. عواقب وخيمة.. تفاصيل انفجار لبنان., اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 07:19 صباحاً
محمد سعد عبد اللطيف كاتب وباحث في الجيوسياسية
حادث دموي يفتح أخطر ملف في البلاد، وسؤال واحد يفرض نفسه: هل سيتم تفكيك السلاح أم سنتجه نحو جحيم الحرب الأهلية؟
الانفجار الذي هزّ الجنوب
في بلد تختزن الأزمات كما تختزن الأرض حمم بركان خامد، جاء انفجار مخزن سلاح قرب مدينة صور في الجنوب اللبناني ليهزّ المشهد برمته. لم يكن هذا الحادث عرضيًا، بل جاء كجرس إنذار مدوٍّ في لحظة سياسية وأمنية شديدة الهشاشة. التقارير الأولية أشارت إلى أن المخزن يتبع حزب الله، وأن الانفجار وقع أثناء محاولة تفكيك أو نقل محتوياته، مما أفضى إلى سقوط عدد من الضحايا، بينهم ستة من عناصر الجيش اللبناني، إضافةً إلى إصابات بين المدنيين.
معضلة السلاح خارج الدولة
هذا الحادث لا يمكن فصله عن السياق الأوسع للصراع الداخلي والخارجي الذي يعيشه لبنان. فالبلد الغارق في أزمات اقتصادية وانهيار مؤسسات الدولة، يواجه منذ سنوات معضلة سلاح الفصائل، وفي مقدمتها سلاح حزب الله، الذي يُعَد بالنسبة لخصومه سلاحًا خارجَ الشرعية، وبالنسبة لمؤيديه “ضمانة ردع” أمام إسرائيل. جاء انفجار صور في وقت تتزايد فيه الضغوط الإقليمية والدولية على الحزب، مع تصاعد العمليات الإسرائيلية في العمق اللبناني، وارتفاع نبرة المطالبة بتطبيق القرار 1701 بحذافيره، بما يشمل حصر السلاح بيد الدولة.
خلفية تاريخية: الجنوب وسلاح الظل
منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990، ظل الجنوب اللبناني منطقة حساسة عسكريًّا وأمنيًّا. بعد انسحاب إسرائيل عام 2000، تعزز نفوذ حزب الله في تلك المنطقة، ليس فقط كقوة مقاومة، بل كسلطة فعلية تمتلك شبكة مخازن وأنفاق ومنصات صاروخية موزعة بين القرى والبلدات. وقد شهدت السنوات الماضية عدة حوادث مشابهة لانفجار صور، أبرزها كان انفجار مخزن في بلدة خربة سلم عام 2009. هذه المخازن كانت دائمًا موضع جدل داخلي ودولي، إذ يرى خصوم الحزب أنها تُعرّض المدنيين لخطر دائم وتضع الجنوب في قلب المواجهة مع إسرائيل، بينما يعتبرها الحزب جزءًا من معادلة الردع التي منعت تل أبيب من شن حرب جديدة شاملة منذ 2006.
سيناريوهات ما بعد الانفجار
المشهد الآن مفتوح على احتمالات خطيرة: قد يُستغل الحادث سياسيًّا من قِبل قوى معارضة للحزب لفتح ملف سلاحه في الشارع والبرلمان، مما قد يجرّ البلاد إلى مواجهة سياسية وربما أمنية. أو قد تسخن جبهة الجنوب إذا تسارعت ردود فعل الحزب على الضربات الإسرائيلية الأخيرة، مما يزيد احتمالية انزلاق لبنان إلى حرب شاملة مع إسرائيل، خاصة إذا استمرت العمليات ضد المخازن والبنية التحتية العسكرية. في ظل الانقسام الطائفي والسياسي الحاد، فإن أي شرارة قد تشعل اشتباكات متنقلة بين مناطق محسوبة على أطراف متنازعة، مما يذكّر بأيام الحرب الأهلية عام 1975 ولكن بأدوات وأجندات جديدة.
الدور الفرنسي والحسابات الدولية
منذ انفجار مرفأ بيروت عام 2020، تسعى فرنسا لتكون وسيلة للتقريب بين القوى اللبنانية المتصارعة، واضعةً ملف السلاح على طاولة النقاش وإن بشكل غير مباشر. تطرح باريس مبادرات لحصر السلاح بيد الدولة مقابل دعم اقتصادي وسياسي للبنان، إلا أن هذه الجهود تواجه برفض قاطع من حزب الله وحلفائه، في ظل واقع إقليمي يجعل أي تفكيك للسلاح جزءًا من معادلة أكبر تشمل إيران وسوريا. وفي جانب آخر، فإن الولايات المتحدة وبعض دول الخليج تضغط من خلال سياسات اقتصادية متدرجة، بينما تتعامل إسرائيل مع الملف بأسلوب الضربات الموضعية.
لبنان على فوهة البركان
لبنان اليوم يقف على فوهة بركان، حيث تتقاطع نيران الخارج مع حسابات الداخل. إن انفجار صور ليس مجرد حادث، بل قد يمثل بداية لفصل أكثر سخونة في تاريخ بلد اعتاد أن يعيش بين حافة الحرب وهاوية الانهيار. يبقى التساؤل: هل تنجح الجهود الدولية في تفكيك السلاح وضبطه تحت سلطة الدولة، أم أن لبنان يسير بخطى سريعة نحو جحيم حرب أهلية جديدة؟ رائحة البارود التي ملأت سماء صور قد تكشف عن عاصفة مقبلة لن تُبقي ولا تذر.
— محمد سعد عبد اللطيف – كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية.
0 تعليق