قصة مأساة مستمرة.. إسرائيل تعيد رسم جغرافيا غزة.

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قصة مأساة مستمرة.. إسرائيل تعيد رسم جغرافيا غزة., اليوم الاثنين 11 أغسطس 2025 09:38 صباحاً

محمد سعد عبد اللطيف كاتب وباحث في الجيوسياسية.

غزة: اختبار الهوية والحق في زمن الصراع

في الشرق، حيث تتقاطع الأزمنة وتتصارع الحكايات، تقع غزة؛ تلك الأرض التي تسعى إلى حماية ذاكرتها كما تحمي الجسد من الرصاصة. تجد غزة نفسها مرة أخرى في قلب العاصفة، لا كرقعة جغرافية فحسب، بل كاختبار مفتوح لمعنى الحق والهوية في زمن تُختطف فيه الحقيقة وتُباع في أسواق السياسة.

أبعاد الصراع: إعادة تشكيل الجغرافيا والذاكرة

ما يحدث اليوم في غزة ليس مجرد حرب عابرة أو اشتباك بين جيش وفصيل، بل هو إعادة تشكيل متعمدة للجغرافيا والديموغرافيا والذاكرة معًا. يبدو أن الاحتلال يسعى إلى أكثر من السيطرة على الأرض، فهو يهدف إلى إعادة برمجة التاريخ ذاته.

منذ أن أعلنت حكومة الاحتلال في منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة ما سمته “خطة فك الارتباط” عن قطاع غزة، راحت تُروّج للعالم أنها انسحبت وتركت أمر القطاع للفلسطينيين. لكن الحقيقة كانت إعادة تموضع سيطرت بموجبها على الحدود والمنافذ، وفرضت حصارًا خانقًا جعل حياة السكان مرهونة بقرارات الجيش الإسرائيلي.

عودة الاحتلال: تكتيكات جديدة وأهداف خفية

بعد سنوات من الحصار، عادت قوات الاحتلال إلى غزة بوجه مكشوف، واستدعت الاحتياط ونشرت قواتها في نقاط استراتيجية لإعادة رسم الخريطة الديموغرافية. لم تعد القضية عسكرية فحسب، بل مشروعًا لإعادة توزيع السكان وربط الحياة اليومية بمنظومة عسكرية تتحكم في كل شبر من الأرض.

الصراع في الضفة الغربية

أما في الضفة الغربية، التي تُسميها إسرائيل “اليهودا والسامرة”، فقد أعلنت حكومة الاحتلال مؤخرًا ضمها رسميًا باعتبارها “أرضًا إسرائيلية غير محتلة”. لم تعد المسألة نزاعًا على الأرض فحسب، بل أصبحت مسألة هوية وسيادة تقررها إسرائيل بشكل منفرد. في حين تم دمج الجليل منذ عقود، فإنه يشهد اليوم تهويدًا مكثفًا وتغييرًا للمعالم الثقافية والديموغرافية.

الاحتجاجات العالمية والدعم العسكري

بينما تتظاهر شعوب وجامعات العالم ضد الحرب، نجد أن جيوش بعض هذه الدول تقدم دعمًا عسكريًا واستخباراتيًا لإسرائيل، وأصبح من الواضح أن الأمم المتحدة تقدم بيانات شكلية، بينما العالم العربي يتحدث عن “مساعدات” تخضع لإشراف الجيش الإسرائيلي. وقد عكس قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض غرامات على جامعة كاليفورنيا مدى انحياز الإدارة الأمريكية على مستوى المؤسسات التعليمية، مما يدل على معاقبة الأصوات المعارضة.

استراتيجية إسرائيل: إعادة صياغة الرواية

نجحت إسرائيل عبر أدواتها الأمنية والاستخباراتية، وعلى رأسها “الموساد”، في إعادة صياغة الصراع لدى الرأي العام العالمي. فقد تحول الكفاح المسلح الفلسطيني من حركة تحرر وطني إلى إرهاب، وتم ربط القضية بفصيل فلسطيني محدود، وهو ما يشير إلى استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تفريغ مفهوم النضال من مضمونه.

الحدث التاريخ إعلان قيام إسرائيل 1948 حرب 1967 1967 اتفاق أوسلو 1993 فك الارتباط عن غزة 2005 تصعيد المرحلة 2023-2025

ولم يعد التحكم في التوزيع السكاني مجرد أمر يتعلق بالأرض، بل أصبح محورًا أساسيًا في الاستراتيجية الإسرائيلية. تهدف الهندسة الديموغرافية عبر التهجير أو الإغراءات الاقتصادية إلى خلق واقع يضمن أغلبية يهودية في المناطق الاستراتيجية، مما يهدد ليست فقط الحقوق الفلسطينية، بل جذور الهوية الوطنية.

الأبعاد الثقافية والجغرافية للصراع

ما يجري اليوم هو معركة على الذاكرة والجغرافيا والديموغرافيا مجتمعة. تُعاد رسم الجغرافيا بالجدار والمستوطنات، بينما تُهندس الديموغرافيا عبر التهجير والإحلال. وتُستهدف الذاكرة بطمس السردية الفلسطينية وتحويلها لرواية احتلالية تُسوّق للعالم عبر المنابر الإعلامية والسياسية.

يبقى الجدل مستمرًا؛ فحتى وإن نجحت إسرائيل في فرض خرائطها وروايتها مرحليًا، تبقى الجغرافيا ليست مجرد أرض، بل ذاكرة أجيال. إن الاحتلال في النهاية يبقى حالة طارئة أمام ثبات التاريخ ورسوخ الهوية. ومع محاولات الاحتلال اختزال النضال في معركة مع فصيل، فإن المسار التاريخي يُظهر أن الشعوب القادرة على الحفاظ على ذاكرتها ستعيد رسم خريطتها.

اقرأ أيضاً: عاجل.. استشهاد الصحفيين أنس شريف ومحمد قريقع في قصف إسرائيلي على مخيمهما بغزة.

وزير الخارجية يؤكد لنظيره الألماني رفض مصر القاطع لتوسيع العمليات الإسرائيلية في غزة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق