نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فرانك.. نجا من زوجته وأسقط الأصلع, اليوم الأحد 24 أغسطس 2025 03:37 مساءً
لا يعرف المعلم الحقيقي أن يكتفي بالكتب والسبورة.. فوظيفته ليست أن يلقّن الحروف، بل أن يضيف في وجدان الأطفال شرارة حلم لا تنطفئ.
منذ أن وُجد التعليم، كان المعلم هو القائد الأول، هو من يصنع الشخصيات الراسخة في التاريخ ومن يرسم للأمم طريقها قبل أن تخوض الحروب.
ومن بين ضجيج الفصول، وسط ضحكات الصغار وصراخهم العفوي، يولد رجال يملكون قدرة نادرة أن يحوّلوا الحلم إلى واقع، وأحدهم الدنماركي توماس فرانك، مدرب فريق توتنام هوتسبير الأول لكرة القدم المولود في أكتوبر من العام 1973 في بلدة فريدريكسفيرك بمنطقة زيلاند شمال كوبنهاجن.
لم يكن لاعبًا عظيمًا ولا نجمًا يركض في الملاعب الكبرى، بل هاويًا يكتفي بمتعة الجري خلف الكرة في أزقة بلدته الصغيرة.
درس التربية الرياضية، وحصل على البكالوريوس من معهد كوبنهاجن لطب الرياضة عام 1999، ثم انغمس بين 2002 و2005 في دراسات عليا بعلم النفس الرياضي.
كان يمارس مهنته في التعليم، متنقلًا بين رياض الأطفال وقاعات كلية أعمال صغيرة بمدينة هيفدوفير.
حياة متواضعة، بين عمل يومي مرهق وعائلة صغيرة مؤلفة من زوجته نانا ثيل فرانك وأطفاله الثلاثة.
في أعوام شبابه لم يطرق أبواب الاحتراف كلاعب، لكنه طرق أبواب التدريب مبكرًا.
تولى مسؤولية فرق تحت 8 وتحت 12 عامًا في نادي بلدته المحلي.
هناك، وسط صغار لا يعرفون الرسم التكتيكي، كان يختبر قدرته على القيادة.
في عام 1998 التحق بجامعة كوبنهاجن لدراسة علوم الرياضة، وبعد تخرجه بدأ العمل في أكاديمية هيفدوفير، حيث قضى خمسة أعوام شكلت حجر الأساس في مسيرته.
خلال تلك الرحلة كانت هناك جراح وأزمة مالية، يقاتل بين تدريس الأطفال وتدريب الأكاديميات بينما يرعى طفلين صغيرين.. في إحدى الليالي القاسية، جاءته زوجته تقول: «توماس، ليس لدينا مال» كان على وشك أن يطوي صفحة التدريب نهائيًا.
لكنه تراجع حين جاءه عرض من يوهان لانج، المدير الفني لنادي B93، للعمل بدوام كامل في تطوير المواهب.
تردد أولًا، ثم قبل، وكانت تلك اللحظة بداية انطلاقة لا عودة بعدها، ومن ثم إلى لينجبي، متنقلًا بين الأندية التي تُعنى بتربية المواهب.
بعد هذا القرار والتنقل بين الأكاديميات فتح الاتحاد الدنماركي لكرة القدم أمامه أبوابه عام 2008، وأسند إليه قيادة منتخبات الناشئين تحت 16 و17 عامًا.
ذلك الامتحان الحقيقي لقدراته، قاد منتخب تحت 17 عامًا إلى نصف نهائي بطولة أوروبا 2011، ثم إلى أول مشاركة في كأس العالم للفئة العمرية ذاتها في تاريخ الدنمارك.
بعد عام واحد تولى منتخب تحت 19، مواصلًا مهمته في صناعة أجيال جديدة.
اعترف لاحقًا توماس أن ابن بلاده مورتن أولسن ألهمه كثيرًا، خصوصًا بأسلوب 4-2-3-1.
الخطوة التالية كانت أجرأ، في 2013 عُيّن مدربًا لنادي بروندبي، أحد أكبر أندية بلاده وأكثرها جماهيرية.
عند موسمه الأول قاد الفريق إلى المركز الرابع، ثم إلى الثالث في الموسم التالي، وهو أفضل ترتيب للنادي في عقد كامل.
بدا أن الطريق ينفتح أمامه، لكن الوقت كان كفيلًا بأن يكشف له أن النهايات ليست دومًا سعيدة مثل الأفلام ففي مارس 2016 اندلعت فضيحة حين تبيّن أن رئيس النادي يهاجمه باسم مستعار في منتدى مشجعين.
انفجرت وسائل الإعلام بالخبر، واهتزت الثقة بين الطرفين، فاختار فرانك الاستقالة.
ابتعد عن التدريب تسعة أشهر، ثم جاءته الفرصة التي غيّرت مساره.
ديسمبر 2016 التحق بالجهاز الفني لنادي برينتفورد الإنجليزي مساعدًا للمدرب دين سميث.
لم يكن الدور كبيرًا في البداية، لكنه كان مدرسة جديدة في الكرة الأقوى عالميًا.
وحين رحل سميث إلى أستون فيلا أكتوبر 2018، وجد نفسه فجأة على رأس الفريق الأول.
البداية كانت صعبة.. فوز يتيم في عشر مباريات، بدا وكأنه يسير نحو هاوية، لكنه تمسك بخيوط الصبر والاستراتيجية البعيدة.. تغيّرت الملامح، وبات الفريق أكثر جرأة وتنظيمًا. وفي صيف 2021 تحقق الحلم «برينتفورد يصعد إلى الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأولى في تاريخه».
منذ تلك اللحظة، كتب فرانك فصلًا جديدًا في سجلات النادي.
قضى قرابة الثلاثة مواسم في الدوري الإنجليزي الممتاز قبل أن يأتي توتنام ويقدمه مدربًا جديدًا له في الموسم الحالي.
وفي إحدى أمسيات «البريميرليج» التي لن ينساها فرانك عندما واجه الامتحان الأعظم «بيب جوارديولا».. الإسباني الكبير الذي غزا أوروبا مع برشلونة وبايرن ميونيخ ومانشستر سيتي، وصار رمزًا للمدرب الفيلسوف وصاحب الفكرة التي يصعب كسرها.
توقع كثيرون أن تنتهي كما اعتادوا، بسيطرة مانشستر سيتي وابتسامة «الأصلع» في النهاية.
لكن المعلم الدنماركي قدم درسًا بأن كرة القدم لعبة لا تعترف بمن أنت وماهي أرقامك بل ماذا تقدم في أرض الملعب.
السبت عند صافرة الختام، انتصار تاريخي بثنائية نظيفة، من مدرب كان يقترب من أن يطوي صفحته بعد نصيحة زوجته إلى قائد قادر على إسقاط أعظم العقول.
0 تعليق