عودة الفخر الثوري.. ذكريات تظل حية.. فيتنام تكرم عبد الناصر

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عودة الفخر الثوري.. ذكريات تظل حية.. فيتنام تكرم عبد الناصر, اليوم الخميس 7 أغسطس 2025 04:59 مساءً

محمد سعد عبد اللطيف كاتب وباحث في الجيوسياسية.

الثائر والثوار.. حين يعود الوفاء من آخر الأرض..

في زحام العالم المتغير، ومع تراجع أصوات المبادئ، يظهر مشهد إنساني يعيد الاعتبار للذاكرة الجماعية للشعوب الحرة. هذا المشهد يصنعه الوفاء الصامت، وليس عدسات الكاميرات.

تجسدت هذه الروح في زيارة رمزية تحمل معاني عميقة عندما وصل الرئيس الفيتنامي “لوونج كوونج” إلى القاهرة، متوجهًا مباشرة إلى متحف الزعيم الراحل “جمال عبد الناصر”، الذي يُعتبر رمزًا لحركة التحرر وتاريخ الأحرار.

لم تكن الزيارة مجرد بروتوكول عابر، بل كانت رسالة محبة وامتنان من شعب انتصر قبل خمسين عامًا، ولم ينسَ من وقَف إلى جانبه حين كان العالم يغض الطرف عن معاناته.

ناصر وفيتنام.. التحالف الأخلاقي

تعود بنا الذاكرة إلى ستينيات القرن الماضي، عندما كانت فيتنام تواجه العدوان الأمريكي. كانت آلة الحرب تتسبب في مآسي لشعب فقير، لا يملك سوى إرادته وسلاحه البسيط. تنبه عبد الناصر لهذه المأساة وأعلن موقفه الداعم لمقاومة الشعب الفيتنامي، رافضًا كل الضغوط الأمريكية للتراجع.

تلقّى ناصر رسائل من قادة آسيويين بارزين مثل “شوان لاي” و”ماو تسي تونج”، يطلبون منه الاستمرار في دعم القضية الفيتنامية كأحد أعمدة حركة عدم الانحياز، إلى جانب “تيتو” و”نهرو”. لم يكن ناصر مجرد زعيم عربي، بل كان أحد الأصوات المؤسسة لضمير العالم الثالث.

الانتصار والوفاء

في أبريل 1975، سقطت سايغون بعد حرب دامت نحو خمسة عشر عامًا، حيث حققت فيتنام انتصارها التاريخي. لم يُهزم الجيش الأمريكي فقط، بل انقسم المجتمع الأمريكي بعمق، مما أدى إلى أحد أكبر الإخفاقات في تاريخ الولايات المتحدة الحديثة.

ولكن الأهم من مشهد الانتصار كان التذكير بالذاكرة. ففيتنام لم تنسَ صوتًا عربيًا دعمها في أوج مآسيها. وعندما يزور رئيسها اليوم متحف عبد الناصر، فإنه يعبّر ببساطة: “شكرًا لمن كان معنا”.

عبرة الثوار.. ورسالة الزمن

تذكير هذه الزيارة يُظهر أن التاريخ يُكتب بالمواقف، والثبات على المبادئ، وليس بالقوة والسلاح. أن يقف قائد عربي بجانب شعب في أقصى آسيا في الخمسينيات والستينيات هو فعل نادر، لكنه خالد.

سبقه العديد من القادة مثل “مانديلا” و”جيفارا” و”نكروما”، وها هو التاريخ يضيف اسمًا جديدًا إلى قائمة الوفاء، تلك القائمة التي لا تُسجل في كتب السياسة بل تُروى في كتب الشعوب.

التحليل الجيوسياسي: ما وراء المشهد

تطرح الزيارة سؤالًا جوهريًا: هل تبقى الذاكرة محصورة في الشعوب، أم يتوجب على الدول تُحصّن تاريخها وشركاء مواقفها؟

فيتنام، التي انتشلت نفسها من رماد الحرب، أصبحت قوة اقتصادية وسياسية صاعدة في جنوب شرق آسيا. أما نحن، في عالم عربي يعاني من التراجع والانقسام، فهل نمتلك الجرأة لاستحضار تجربة عبد الناصر كنموذج يُحتذى؟

هل يُمكن للسياسات الحالية أن تعاود التركيز على الإنسان والحرية والكرامة؟

إن زيارة الرئيس الفيتنامي اليوم تُذكّرنا ليس فقط بعبد الناصر، بل بما كان بإمكاننا أن نكونه عندما كنا في الصف الصحيح من التاريخ.

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق