نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قيادة مضطربة.. أزمة الألقاب في زمن الفول Doctor, اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025 06:38 صباحاً
محمد سعد عبد اللطيف، كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية، يسلط الضوء في مقاله على أزمة القيادة التي شهدناها في المجتمعات الحديثة من خلال الألقاب المزيفة.
لطالما كان لقب “العمدة” رمزًا راسخًا في قرانا القديمة، حيث لم يكن مجرد كلمة تُقال، بل كان نتيجة صراع طويل ينطوي على مآسي النصر ومعاناة الهزيمة. كان العمدة رمزًا للقيادة، إذ ينتخبه المجتمع ليقودهم في أحلك الظروف. إنه منصب نبيل يُعبر عن الشجاعة والتضحيات، وليس شيء يمكن شراؤه أو وراثته. لقد كان صراع العمدية أشبه بمعارك حقيقية، حيث يتطلب موازنة دقيقة بين قوى القرية والحفاظ على النظام والعدالة، لتكون القيادة روح القرية نفسها.
فشل الألقاب الحقيقية
تجسدت قيمة المهن في تلك الحقبة بأهمية كل فرد، من مهندس الري إلى المعلم الذي يُشكل القيم والمعرفة في نفوس الأجيال. لكن مع مرور الوقت، ازدادت الألقاب الفارغة التي تعكس تراجع القيمة الحقيقية للأدوار الاجتماعية. فقد تحولت هذه المهن، التي كانت تمثل تميزًا، إلى مجرد أسماء تُعطى بلا مضمون.
تدهور في معايير التخصص الأكاديمي. تسابق على الألقاب في الإعلام والسياسة. تأثير الويب في تعزيز الألقاب الزائفة.من “خبير استراتيجي” إلى “دكتور الفول”
في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، انتشرت الألقاب كالنار في الهشيم. أصبح لدينا “خبراء استراتيجيون” بلا خلفيات موثوقة ومختصون في مجالات لا يمتلكون فيها أي خبرة حقيقية. كأنما أصبحت هذه الألقاب أدوات للتسويق، تُستخدم لجذب المتابعين بدلاً من إثراء المعرفة. لقد شهدنا حتى “دكتوراة فخرية” ترتبط بأعمال بسيطة مثل بائع الفول، ليصبح “دكتورًا في فنون القلي والتتبيل”، مما يضاعف الفوضى حول معنى القيادة.
أزمة الفهم والمعرفة
كما قال سقراط: “العقل مثل المظلة، لا يعمل إلا إذا كان مفتوحًا.” نرى أن العديد ممن يلتفون حول الألقاب لن يتمكنوا من تحقيق ذلك الفهم العميق. القيادة الحقيقية لا تُقاس بالألقاب، بل بالمعرفة والفهم الذي يُعبر عن موقف حقيقي يتجلى في اللحظات الصعبة. إن الألقاب يجب أن تكون مرتبطة بإنجازات وأفعال، وليس فقط ببطاقات وديكور زائف.
إعادة تعريف القيادة
يجب أن نتذكر، وسط هذه الفوضى من الألقاب الوهمية، أن القيادة شرف يُمنح لمن يثبت نفسه بأفعاله قبل أي شيء آخر. علينا إعادة تقييم ماهية القائد، وأن نختارهم بناءً على إنجازاتهم وليس ألقابهم. فلنجعل أفعالنا تُكتب في التاريخ، وقلوبنا هي التي تختار، بدلاً من الألقاب المزيفة التي تُستخدم فقط لتزيين واجهات مهنية في عالم ملئ بالأوهام.
محمد سعد عبد اللطيف
أخبار متعلقة :