نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
”إضراب مفتوح يلوح في الأفق: هل نحن على حافة انهيار التعليم في اليمن؟”, اليوم الاثنين 25 أغسطس 2025 07:27 مساءً
في مشهد يعكس عمق الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي تعيشها اليمن، خرج مئات المعلمين والمعلمات في مدينة تعز، الإثنين، في مسيرة احتجاجية حاشدة، تحوّلت إلى صرخة مدوية من قلب التعليم اليمني المنهك.
2a01:4f9:c012:24e1::1
يحملون لافتات كتب عليها "أنا معلم.. وليس متسولًا"، و"نريد رواتبنا قبل أن نفقد أبنائنا"، مطالبين بحقهم البسيط: رواتب متوقفة منذ سنوات، وحياة كريمة لا تُهدد مستقبل أجيال بأكملها.
الاحتجاج، الذي انطلق من جولة العواضي وسط تعز، واتجه نحو مقر السلطة المحلية المؤقتة، لم يكن مجرد مظاهرة عادية، بل كان إعلان حالة طوارئ في قطاع التعليم، حيث يُهدد الإضراب المفتوح عن العمل – الذي أعلنته نقابة المعلمين – بتعطيل العام الدراسي الجديد، ودفع آلاف الطلاب إلى التسرب المدرسي.
معلمو تعز يصرخون من قلب الأزمة
وسط هتافات غاضبة مثل "التعليم يُهان.. والمعلم يُهمل!" و**"لا لحصار الرواتب.. نعم لحقوق المعلمين!"**، توجه المتظاهرون – من كلا الجنسين – نحو مقر السلطة المحلية، رافضين الصمت على تجاهل متكرر لمطالبهم المشروعة. وحملت اللافتات صورًا لعائلات تعيش على الحد الأدنى من الإمكانيات، بينما تتساءل: "كيف نُعلّم الأطفال ونحن لا نستطيع شراء الخبز لأبنائنا؟".
ووفق بيان صادر عن نقابة المعلمين والتربويين في تعز، فإن قرار الدخول في إضراب مفتوح عن العمل يأتي بعد سلسلة من الخطوات التصعيدية – من وقفات احتجاجية إلى مناشدات رسمية – قوبلت جميعها بالتجاهل من قبل الحكومة اليمنية والسلطة المحلية. وأكّد البيان أن رواتب المعلمين متوقفة منذ أكثر من 7 سنوات في بعض الحالات، فيما يتقاضى آخرون نصف راتب أو راتبًا جزئيًا بشكل متقطع.
"نحن لسنا ضد التعليم، بل ندافع عنه. لكن كيف نُعلّم ونحن نُعاني من الجوع؟"— أحد المعلمين المشاركين في المسيرة، طلب عدم الكشف عن اسمه.
أزمة معيشية تهدد مستقبل التعليم
يُقدّر عدد المعلمين في محافظة تعز بنحو 50 ألف معلم ومعلمة يعملون في المدارس الحكومية، ويُعانون من توقف صرف الرواتب بشكل كامل أو جزئي منذ بدء الحرب في 2015.
وتشير تقارير محلية إلى أن أكثر من 90% من أسر المعلمين تعاني من انعدام الأمن الغذائي، ويعتمد الكثير منهم على القروض أو بيع ممتلكاتهم الأساسية من أجل تأمين لقمة العيش.
المراقبون يرون أن هذه الاحتجاجات ليست مجرد مطالبة برواتب، بل هي انعكاس لانهيار شامل في مؤسسات الدولة، وخصوصًا في واحدة من أكثر المحافظات تضررًا من الحرب والحصار: تعز، التي يعيش فيها أكثر من 4 ملايين نسمة، وتشهد تدهورًا حادًا في الخدمات الأساسية.
وبحسب تقرير صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" في 2023، فإن تعطيل صرف مرتبات موظفي الدولة في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية يُعد انتهاكًا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويُشكّل عبئًا مباشرًا على التعليم، حيث يُقدّر عدد الطلاب في مدارس تعز بنحو 850 ألف طالب وطالبة.
تحذيرات من شلل تعليمي واسع
حذّرت فعاليات مجتمعية وحقوقية من أن استمرار تجاهل مطالب المعلمين سيؤدي إلى شلل شبه كامل في المدارس الحكومية، ما قد يُضاعف نسب التسرب المدرسي التي تجاوزت بالفعل 40% في بعض المناطق، وفق تقديرات اليونيسف.
وأكدت جمعيات أهلية في تعز أن إغلاق المدارس بسبب الإضراب سيحرم عشرات الآلاف من الأطفال من حقهم في التعليم، خصوصًا الفتيات والأطفال في المناطق النائية، ما يُعيد فتح جراح الماضي ويزيد من فجوة التعليم في اليمن.
احتجاجات متتالية تُنذر بانفجار اجتماعي
يأتي هذا التصعيد في ظل احتقان اجتماعي واقتصادي متصاعد في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، حيث تتعالى الأصوات من موظفي الكهرباء، الصحة، والتعليم، مطالبين بصرف مرتباتهم. وتشير بيانات البنك المركزي اليمني إلى أن أكثر من 1.2 مليون موظف حكومي محرومون من رواتبهم المنتظمة، ما يُشكّل خطرًا وجوديًا على استقرار الدولة الهش أصلاً.
وطالبت النقابات والمنظمات الحقوقية مجلس القيادة الرئاسي والحكومة باتخاذ قرارات عاجلة، منها:
- صرف رواتب المعلمين بشكل كامل ومستمر.
- إقرار التسويات المالية المعلقة منذ سنوات.
- تخصيص ميزانية طارئة لدعم قطاع التعليم في المحافظات المحررة.
0 تعليق